الوظيفة السابعة أن المتعلم القاصر ينبغي أن يلقى إليه الجلي اللائق به ولا يذكر له وراء هذا تدقيقا وهو يدخره عنه فإن ذلك يفتر رغبته في الجلي ويشوش عليه قلبه ويوهم إليه البخل به عنه إذ يظن كل أحد أنه أهل لكل علم دقيق .
فما من أحد إلا وهو راض عن الله سبحانه في كمال عقله وأشدهم حماقة وأضعفهم عقلا هو أفرحهم بكمال عقله .
وبهذا يعلم أن من تقيد من العوام بقيد الشرع ورسخ في نفسه العقائد المأثورة عن السلف من غير تشبيه ومن غير تأويل وحسن مع ذلك سريرته ولم يحتمل عقله أكثر من ذلك فلا ينبغي أن يشوش عليه اعتقاده بل ينبغي أن يخلى وحرفته فإنه لو ذكر له تأويلات الظاهر انحل عنه قيد العوام ولم يتيسر قيده بقيد الخوض فيرتفع عنه السد الذي بينه وبين المعاصي وينقلب شيطانا مريدا بهلك نفسه وغيره بل التي هم بصددها ويملأ قلوبهم من الرغبة والرهبة في الجنة والنار كما نطق به القرآن ولا يحرك عليهم شبهة فإنه ربما تعلقت الشبهة بقلبه ويعسر عليه حلها فيشقى ويهلك وبالجملة لا ينبغي أن يفتح للعوام باب البحث فإنه يعطل عليهم صناعاتهم التي بها قوام الخلق ودوام عيش الخواص . لا ينبغي أن يخاض مع العوام في حقائق العلوم الدقيقة بل يقتصر معهم على تعليم العبادات وتعليم الأمانة في الصناعات