وليرج أنه إن لم يصل إليه وأدركته المنية في الطريق لقي الله عز وجل وافدا إليه إذ قال جل جلاله ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله .
وأما دخول البادية إلى الميقات ومشاهدة تلك العقبات فليتذكر فيها ما بين الخروج من الدنيا بالموت إلى ميقات يوم القيامة وما بينهما من الأهوال والمطالبات وليتذكر من هول قطاع الطريق هول سؤال منكر ونكير ومن سباع البوادي عقارب القبر وديدانه وما فيه من الأفاعي والحيات ومن انفراده من أهله وأقاربه وحشة القبر ، وكربته ووحدته وليكن في هذه المخاوف في أعماله وأقواله متزودا لمخاوف القبر .
وأما أن تكون مقبولا واخش أن يقال لك : لا لبيك ولا سعديك فكن بين الرجاء والخوف مترددا وعن حولك وقوتك متبرئا وعلى فضل الله عز وجل وكرمه متكلا ، فإن وقت التلبية هو بداية الأمر وهي محل الخطر . الإحرام والتلبية من الميقات فليعلم أن معناه إجابة نداء الله عز وجل فارج
قال سفيان بن عيينة حج علي بن الحسين رضي الله عنهما فلما أحرم واستوت به راحلته اصفر لونه وانتفض ، ووقعت عليه الرعدة ، ولم يستطع أن يلبي فقيل له : لم لا تلبي ، فقال : أخشى أن يقال لي : لا لبيك ولا سعديك فلما لبى غشي عليه ، ووقع عن راحلته فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه وقال : كنت مع أحمد بن أبي الحواري ، رضي الله عنه حين أراد الإحرام فلم يلب حتى سرنا ميلا فأخذته الغشية ، ثم أفاق ، وقال : يا أبي سليمان الداراني إن الله سبحانه أوحى إلى أحمد موسى عليه السلام : مر ظلمة بني إسرائيل أن يقلوا من ذكري ، فإني أذكر من ذكرني منهم باللعنة ، ويحك يا بلغني أن من حج من غير حله ، ثم لبى ، قال الله عز وجل : لا لبيك ولا سعديك حتى ترد ما في يديك فما نأمن أن يقال لنا ذلك . أحمد