وأما وانتهاضا لمجرد الامتثال من غير حظ للعقل والنفس فيه ثم اقصد به التشبه رمي الجمار فاقصد به الانقياد للأمر إظهارا للرق والعبودية بإبراهيم عليه السلام حيث عرض له إبليس لعنه الله تعالى في ذلك الموضع ليدخل على حجه شبهة ، أو يفتنه بمعصية فأمره الله عز وجل أن يرميه بالحجارة طردا له وقطعا لأمله .
فإن خطر لك أن الشيطان عرض له ، وشاهده فلذلك رماه ، وأما أنا فليس يعرض لي الشيطان ، فاعلم أن هذا الخاطر من الشيطان ، وأنه الذي ألقاه في قلبك ليفتر عزمك في الرمي ويخيل إليك أنه فعل لا فائدة فيه ، وأنه يضاهي اللعب فلم تشتغل به فاطرده عن نفسك بالجد والتشمير في الرمي فيه برغم ، أنف الشيطان .
واعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى إلى العقبة ، وفي الحقيقة ترمي به وجه الشيطان وتقصم به ظهره إذ لا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمر الله سبحانه وتعالى تعظيما له بمجرد الأمر من غير حظ للنفس ، والعقل فيه .