الثالث وترك حديث النفس قيل في تفسير حضور القلب يا يحيى خذ الكتاب بقوة أي : بجد واجتهاد وأخذه بالجد أن يكون متجردا له عند قراءته منصرف الهمة إليه عن غيره وقيل لبعضهم إذا قرأت القرآن تحدث نفسك بشيء فقال : أوشيء أحب إلي من القرآن حتى أحدث به نفسي وكان بعض السلف إذا قرأ آية لم يكن قلبه فيها أعادها ثانية وهذه الصفة تتولد عما قبلها من التعظيم فإن المعظم للكلام الذي يتلوه يستبشر به ، ويستأنس ، ولا يغفل عنه ففي القرآن ما يستأنس به القلب إن كان التالي أهلا له فكيف يطلب الأنس بالفكر في غيره ؟ وهو في متنزه ومتفرج والذي يتفرج في المتنزهات لا يتفكر في غيرها فقد قيل إن في القرآن ميادين وبساتين ومقاصير وعرائس وديابيج ورياضا وخانات فالميمات ميادين القرآن والراءات بساتين القرآن والحاءات مقاصيره والمسبحات عرائس القرآن والحاميمات ديابيج القرآن والمفصل رياضه والخانات ما سوى ذلك فإذا دخل القارئ الميادين وقطف من البساتين ودخل المقاصير وشهد العرائس ولبس الديابيج وتنزه في الرياض وسكن غرف الخانات استغرقه ذلك ، وشغله عما سواه فلم يعزب قلبه ولم يتفرق فكره .