الرابع . التدبر وهو وراء حضور القلب فإنه قد لا يتفكر في غير القرآن ، ولكنه يقتصر على سماع القرآن من نفسه وهو لا يتدبره
والمقصود من القراءة التدبر ولذلك سن فيه الترتيل لأن الترتيل في الظاهر ليتمكن من التدبر بالباطن .
، قال رضي الله عنه : لا خير في عبادة لا فقه فيها ، ولا في قراءة لا تدبر فيها . علي
وإذا لم يتمكن من التدبر إلا بترديد فليردد إلا أن يكون خلف إمام فإنه لو بقي في تدبر آية وقد اشتغل الإمام بآية أخرى كان مسيئا مثل من يشتغل بالتعجب من كلمة واحدة ممن يناجيه عن فهم بقية كلامه وكذلك إن كان في تسبيح الركوع ، وهو متفكر في آية قرأها إمامه فهذا وسواس فقد روي عن عامر بن عبد قيس أنه قال الوسواس يعتريني في الصلاة فقيل في أمر الدنيا ، فقال : لأن تختلف في الأسنة أحب إلي من ذلك ، ولكن يشتغل قلبي بموقفي بين يدي ربي عز وجل ، وأني كيف أنصرف فعد ذلك وسواسا وهو كذلك فإنه يشغله عن فهم ما هو فيه والشيطان لا يقدر على مثله إلا بأن يشغله بمهم ديني ولكن يمنعه به عن الأفضل ولما ذكر ذلك للحسن قال : إن كنتم صادقين عنه فما اصطنع الله ذلك عندنا ويروى أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فرددها عشرين مرة وإنما رددها صلى الله عليه وسلم لتدبره في معانيها .
وعن أبي ذر قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا ليلة فقام بآية يرددها ، وهي إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم الآية وقام تميم الداري ليلة بهذه الآية أم حسب الذين اجترحوا السيئات الآية .
وقام ليلة يردد هذه الآية ، سعيد بن جبير وامتازوا اليوم أيها المجرمون وقال بعضهم : إني لأفتتح السورة فيوقفني بعض ما أشهد فيها عن الفراغ منها حتى يطلع الفجر وكان بعضهم يقول : آية لا أتفهمها ، ولا يكون قلبي فيها لا أعد لها ثوابا وحكي عن أنه قال : إني لأتلو الآية فأقيم فيها أربع ليال أو خمس ليال ، ولولا أني أقطع الفكر فيها ما جاوزتها إلى غيرها . أبي سليمان الداراني
وعن بعض السلف أنه بقي في سورة هود ستة أشهر يكررها ، ولا يفرغ من التدبر فيها .
وقال بعض العارفين : لي في كل جمعة ختمة ، وفي كل شهر ختمة ، وفي كل سنة ختمة ، ولي ختمة منذ ثلاثين سنة ما فرغت منها بعد وذلك بحسب درجات تدبره وتفتيشه وكان هذا أيضا يقول أقمت نفسي مقام الأجراء فأنا أعمل مياومة ومجامعة ومشاهرة ومسانهة .