وقال الحسن كان فيمن كان قبلكم رجل له قدم في الإسلام وصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال عنى به سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : وكان لا يغشى السلاطين وينفر عنهم فقال له بنوه يأتي هؤلاء من ليس هو مثلك في الصحبة والقدم في الإسلام فلو أتيتهم فقال : يا بني آتي جيفة قد أحاط بها قوم والله لئن استطعت لا أشاركهم فيها قالوا يا أبانا إذن نهلك هزالا قال يا بني لأن أموت مؤمنا مهزولا أحب إلي من أن أموت منافقا سمينا قال عبد الله بن المبارك الحسن خصمهم والله إذ علم أن التراب يأكل اللحم والسمن دون الإيمان .
وفي هذا إشارة إلى أن الداخل على السلطان لا يسلم من النفاق ألبتة وهو مضاد للإيمان .
وقال لسلمة يا أبو ذر سلمة لا تغش أبواب السلاطين فإنك لا تصيب شيئا من دنياهم إلا أصابوا من دينك أفضل منه .
وهذه فتنة عظيمة للعلماء وذريعة صعبة للشيطان عليهم لا سيما من له لهجة مقبولة وكلام حلو إذ لا يزال الشيطان يلقي إليه أن في وعظك لهم ودخولك عليهم ما يزجرهم عن الظلم ويقيم شعائر الشرع إلى أن يخيل إليه أن الدخول عليهم من الدين ثم إذا دخل لم يلبث أن يتلطف في الكلام ويداهن ويخوض في الثناء والإطراء وفيه هلاك الدين .
وكان يقال فإذا عملوا شغلوا فإذا شغلوا فقدوا فإذا فقدوا طلبوا فإذا طلبوا هربوا وكتب العلماء إذا علموا عملوا ، إلى الحسن أما بعد فأشر علي بأقوام أستعين بهم على أمر الله تعالى فكتب إليه أما أهل الدين فلا يريدونك وأما أهل الدنيا فلن تريدهم ولكن عليك بالأشراف فإنهم يصونون شرفهم أن يدنسوه بالخيانة . عمر بن عبد العزيز رحمه الله
هذا في عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، وكان أزهد أهل زمانه فإذا كان شرط أهل الدين الهرب منه فكيف يستنسب طلب غيرهم ومخالطته ولم يزل السلف العلماء مثل الحسن والثوري وابن المبارك ، والفضيل وإبراهيم بن أدهم ويوسف بن أسباط يتكلمون في من أهل علماء الدنيا مكة والشام وغيرهم إما لميلهم إلى الدنيا وإما لمخالطتهم السلاطين