وقال قحط الناس في زمن ملك من ملوك بني إسرائيل فاستسقوا فقال الملك لبني إسرائيل : ليرسلن الله تعالى علينا السماء أو لنؤذينه ، قيل له : وكيف تقدر أن تؤذيه وهو في السماء ؟ فقال : أقتل أولياءه وأهل طاعته ، فيكون ذلك أذى له ، فأرسل الله تعالى عليهم السماء . سعيد بن جبير
وقال بلغني أن بني إسرائيل قحطوا سبع سنين حتى أكلوا الميتة من المزابل وأكلوا الأطفال ، وكانوا كذلك يخرجون إلى الجبال يبكون ويتضرعون ، فأوحى الله عز وجل إلى أنبيائهم عليهم السلام : لو مشيتم إلي بأقدامكم حتى تحفى ركبكم وتبلغ أيديكم عنان السماء وتكل ألسنتكم عن الدعاء فإني لا أجيب لكم داعيا ، ولا أرحم لكم باكيا ، حتى تردوا المظالم إلى أهلها ، ففعلوا ، فمطروا من يومهم . سفيان الثوري
وقال أصاب الناس في بني إسرائيل قحط فخرجوا مرارا فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إلي بأبدان نجسة وترفعون إلي أكفا قد سفكتم بها الدماء ، وملأتم بطونكم من الحرام ، الآن قد اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني إلا بعدا وقال مالك بن دينار أبو الصديق الناجي خرج سليمان عليه السلام يستسقي ، فمر بنملة ملقاة على ظهرها ، رافعة قوائمها إلى السماء ، وهي تقول : اللهم إنا خلق من خلقك ، ولا غنى بنا عن رزقك ، فلا تهلكنا بذنوب غيرنا ، فقال سليمان عليه السلام ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم .
وقال خرج الناس يستسقون فقام فيهم الأوزاعي : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا معشر من حضر ألستم مقرين بالإساءة ، فقالوا : اللهم نعم ، فقال : اللهم إنا قد سمعناك تقول بلال بن سعد ما على المحسنين من سبيل وقد أقررنا بالإساءة ، فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا ، اللهم فاغفر لنا ، وارحمنا ، واسقنا ، فرفع يديه ورفعوا أيديهم ، فسقوا .
" وقيل ادع لنا ربك ، فقال : إنكم تستبطئون المطر وأنا أستبطئ الحجارة وروي أن لمالك بن دينار : عيسى صلوات الله عليه وسلامه خرج يستسقي ، فلما ضجروا قال لهم عيسى عليه السلام : من أصاب منكم ذنبا فليرجع ، فرجعوا كلهم ، ولم يبق معه في المفازة إلا واحد ، فقال له عيسى عليه السلام : أما لك من ذنب ؟ فقال : والله ما علمت من شيء غير أني كنت ذات يوم أصلي فمرت بي امرأة فنظرت إليها بعيني هذه فلما جاوزتني أدخلت أصبعي في عيني فانتزعتها وتبعت ، المرأة بها ، فقال له عيسى عليه السلام فادع الله حتى أؤمن على دعائك قال فدعا فتجللت السماء سحابا ، ثم صبت ، فسقوا وقال يحيى الغساني: أصاب الناس قحط على عهد داود عليه السلام فاختاروا ثلاثة من علمائهم فخرجوا حتى يستسقوا بهم ، فقال أحدهم : اللهم إنك أنزلت في توراتك أن نعفو عمن ظلمنا ، اللهم إنا قد ظلمنا أنفسنا ، فاعف عنا . وقال الثاني : اللهم إنك أنزلت في توراتك أن نعتق أرقاءنا اللهم إنا أرقاؤك فأعتقنا . وقال الثالث : اللهم إنك أنزلت في توراتك أن لا نرد المساكين إذا وقفوا بأبوابنا ، اللهم إنا مساكينك وقفنا ببابك فلا ترد دعاءنا ، فسقوا وقال عطاء السلمي منعنا الغيث فخرجنا نستسقي ، فإذا نحن بسعدون المجنون في المقابر ، فنظر إلي فقال : يا عطاء أهذا ! يوم النشور أوبعثر ، ما في القبور فقلت : لا ، ولكنا منعنا الغيث فخرجنا نستسقي ، فقال : يا عطاء بقلوب أرضية أم بقلوب سماوية فقلت : بل بقلوب سماوية فقال : هيهات يا عطاء ، قل للمتبهرجين : لا تتبهرجوا ؛ فإن الناقد بصير ثم رمق السماء بطرفه وقال : إلهي وسيدي ومولاي ! لا تهلك بلادك بذنوب عبادك ، ولكن بالسر المكنون من أسمائك وما وارت الحجب من آلائك إلا ما سقيتنا ماء غدقا فراتا تحيي به العباد وتروي ، به البلاد ، يا من هو على كل شيء قدير قال عطاء : فما استتم الكلام حتى أرعدت السماء وأبرقت وجادت ، بمطر كأفواه القرب فولى وهو يقول:
أفلح الزاهدون والعابدونا إذ لمولاهم أجاعوا البطونا أسهروا الأعين العليلة حبا
فانقضى ليلهم وهم ساهرونا شغلتهم عبادة الله حتى
حسب الناس أن فيهم جنونا
ويروى أن رضي الله عنه استسقى عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنه فلما فرغ من دعائه قال العباس اللهم : إنه عمر ، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك صلى الله عليه وسلم وهذه أيدينا إليك بالذنوب ، ونواصينا بالتوبة ، وأنت الراعي ، لا تهمل الضالة ، ولا تدع الكبير بدار مضيعة فقد ضرع الصغير ورق الكبير ، وارتفعت الأصوات بالشكوى ، وأنت تعلم السر وأخفى ، اللهم فأغثهم بغياثك قبل أن يقنطوا فيهلكوا فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون قال فما تم كلامه حتى ارتفعت السماء مثل الجبال . لم ينزل بلاء من السماء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة