ونحن إنما أردنا بقولنا : إن من شأن علماء الآخرة صرف العناية إلى بالمعنيين جميعا وهو نفي الشك ثم تسليط اليقين على النفس حتى يكون هو الغالب المتحكم عليها المتصرف فيها . تقوية اليقين
فإذا فهمت هذا علمت أن المراد من قولنا إن اليقين ينقسم ثلاثة أقسام بالقوة والضعف والكثرة والقلة والخفاء والجلاء فأما بالقوة والضعف فعلى الاصطلاح الثاني وذلك في الغلبة والاستيلاء على القلب في القوة والضعف لا تتناهى وتفاوت الخلق في الاستعداد للموت بحسب تفاوت اليقين بهذه المعاني وأما التفاوت بالخفاء والجلاء في الاصطلاح الأول فلا ينكر أيضا أما فيما يتطرق إليه التجويز فلا ينكر أعني الاصطلاح الثاني وفيما انتفى الشك أيضا عنه لا سبيل إلى إنكاره فإنك تدرك تفرقة بين تصديقك بوجود ودرجات معاني اليقين مكة ووجود فدك مثلا وبين تصديقك بوجود موسى ، ووجود يوشع عليهما السلام . مع أنك لا تشك في الأمرين جميعا فمستندهما جميعا التواتر ولكن ترى أحدهما أجلى وأوضح في قلبك من الثاني لأن السبب في أحدهما أقوى وهو كثرة المخبرين وكذلك يدرك الناظر هذا في النظريات المعروفة بالأدلة فإنه ليس وضوح ما لاح له بدليل واحد كوضوح ما لاح له بالأدلة الكثيرة مع تساويهما في نفي الشك ، وهذا قد ينكره المتكلم الذي يأخذ العلم من الكتب والسماع ولا يراجع نفسه ، فيما يدركه من تفاوت الأحوال .
وأما القلة والكثرة فذلك بكثرة متعلقات اليقين كما يقال فلان أكثر علما من فلان أي معلوماته أكثر .
ولذلك قد يكون العالم قوي اليقين في جميع ما ورد الشرع به وقد يكون قوي اليقين في بعضه