وأما قول القائل : إن من وضعت يدي في قصعته فقد ذلت له رقبتي ، فقد قال بعضهم : هذا خلاف السنة وليس كذلك فإنه ذل إذا كان الداعي لا يفرح بالإجابة ، ولا يتقلد منة ، وكان يرى ذلك يدا له على المدعو .
ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحضر لعلمه أن الداعي له يتقلد منة ويرى ذلك شرفا وذخرا لنفسه في الدنيا والآخرة فهذا يختلف باختلاف الحال ، فمن ظن به أنه يستثقل الإطعام وإنما يفعل ذلك مباهاة أو تكلفا فليس من السنة إجابته .
بل الأولى التعلل ولذلك قال بعض الصوفية .
لا تجب إلا دعوة من يرى أنك أكلت رزقك وأنه سلم إليك وديعة كانت لك عنده ، ويرى لك الفضل عليه في قبول تلك الوديعة منه .
وقال سري السقطي رحمه الله: آه على لقمة ليس على الله فيها تبعة ولا لمخلوق فيها منه .
فإذا علم المدعو أنه لا منة في ذلك فلا ينبغي أن يرد .
وقال أبو تراب النخشي رحمة الله عليه : . عرض علي طعام فامتنعت فابتليت بالجوع أربعة عشر يوما ، فعلمت أنه عقوبته
وقيل لمعروف الكرخي رضي الله عنه : كل من دعاك تمر إليه ، فقال : أنا ضيف أنزل حيث أنزلوني .