ولو كان مجرد دفع الشهوة لما قال معاذ في الطاعون زوجوني لا ألقى الله عزبا فإن قلت : فما كان معاذ يتوقع ولدا في ذلك الوقت فما وجه رغبته فيه ؟ فأقول الولد يحصل بالوقاع . الباعث على النكاح
بباعث الشهوة وذلك أمر لا يدخل في الاختيار وإنما المعلق باختيار العبد إحضار المحرك للشهوة ، وذلك متوقع في كل حال ، فمن عقد فقد أدى ما عليه وفعل ما إليه والباقي خارج عن اختياره ، ولذلك يستحب النكاح للعنين أيضا فإن نهضات الشهوة خفية لا يطلع عليها حتى إن الممسوح الذي لا يتوقع له ولد لا ينقطع الاستحباب أيضا في حقه على الوجه الذي يستحب للأصلع إمرار الموسى على رأسه اقتداء بغيره وتشبها بالسلف الصالحين وكما يستحب الرمل والاضطباع في الحج الآن ، وقد كان المراد منه أولا إظهار الجلد للكفار .
فصار الاقتداء والتشبه بالذين أظهروا الجلد سنة في حق من بعدهم ويضعف هذا الاستحباب بالإضافة إلى الاستحباب في حق القادر على الحرث وربما يزداد ضعفا بما يقابله من كراهة تعطيل المرأة وتضييعها فيما يرجع إلى قضاء الوطر فإن ذلك لا يخلو عن نوع من الخطر ، فهذا المعنى هو الذي ينبه على شدة إنكارهم لترك النكاح مع فتور الشهوة .
الوجه الثاني : السعي في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه بتكثير ما به مباهاته إذ قد صرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ويدل على مراعاة أمر الولد جملة بالوجوه كلها ما روي عن رضي الله عنه : أنه كان ينكح كثيرا ويقول : إنما أنكح للولد . عمر
وما روي من الأخبار في مذمة المرأة العقيم إذ قال عليه السلام : " لحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد .
وقال " : " خير نسائكم الولود الودود .
وقال "
"
: " سوداء ولود خير من حسناء لا تلد .