فأما ففيه نظر ; لأن ذلك واجب فلا ينبغي أن يسقط بالظلم . السكوت عن رد الجواب
فإن ترك الداخل جميع ذلك واقتصر على السلام ، فلا يخلو من الجلوس على بساطهم وإذا ، كان أغلب أموالهم حراما ، فلا يجوز الجلوس على فرشهم هذا من حيث الفعل .
فأما السكوت فهو أنه سيرى في مجلسهم من الفرش الحرير وأواني الفضة والحرير الملبوس عليهم وعلى غلمانهم ما هو حرام .
وكل من رأى سيئة وسكت عليها فهو شريك في تلك السيئة .
بل يسمع من كلامهم ما هو فحش وكذب وشتم وإيذاء والسكوت على جميع ذلك حرام ، بل يراهم لابسين الثياب الحرام وآكلين الطعام الحرام ، وجميع ما في أيديهم حرام والسكوت على ذلك غير جائز ، فيجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلسانه إن لم يقدر بفعله .
فإن قلت : إنه يخاف على نفسه ، فهو معذور في السكوت ، فهذا حق ، ولكنه مستغن عن أن يعرض نفسه لارتكاب ما لا يباح إلا بعذر فإنه لو لم يدخل ولم يشاهد لم يتوجه عليه الخطاب بالحسبة حتى يسقط عنه بالعذر .
وعند هذا أقول : من علم فسادا في موضع وعلم أنه لا يقدر على إزالته فلا يجوز له أن يحضر ليجري ذلك بين يديه وهو يشاهده ويسكت ، بل ينبغي أن يحترز عن مشاهدته .
وأما القول فهو أن يدعو للظالم أو يثني عليه أو يصدقه فيما يقول من باطل بصريح قوله أو بتحريك رأسه أو باستبشار في وجهه أو يظهر له الحب والموالاة والاشتياق إلى لقائه والحرص ، على طول عمره وبقائه ، فإنه في الغالب لا يقتصر على السلام بل يتكلم ولا يعدو كلامه هذه الأقسام .
أما الدعاء له فلا يحل إلا أن يقول : أصلحك الله أو وفقك الله للخيرات أو طول الله عمرك في طاعته أو ما يجري هذا المجرى .