وقال سمنون .
وليس لي في سواك حظ فكيفما شئت فاختبرني
وسيأتي تحقيق ذلك في كتاب المحبة .والمقصود أن أثمر حب كل من يقوم بحق عبادة الله في علم أو عمل وأثمر حب كل من فيه صفة مرضية عند الله من خلق حسن أو تأدب بآداب الشرع . حب الله إذ قوي
وما من محب للآخرة ومحب لله إلا إذا أخبر عن حال رجلين أحدهما عالم عابد والآخرة جاهل فاسق إلا وجد في نفسه ميلا إلى العالم العابد ، ثم يضعف ذلك الميل ويقوى بحسب ضعف إيمانه وقوته ، وبحسب ضعف حبه لله وقوته ، وهذا الميل حاصل وإن كانا غائبين عنه بحيث يعلم إنه لا يصيبه منهما خير ولا شر في الدنيا ولا في الآخرة ، فذلك الميل هو حب في الله ولله من غير حظ فإنه إنما يحبه ؛ لأن الله يحبه ، ولأنه مرضي عند الله تعالى ، ولأنه يحب الله تعالى ، ولأنه مشغول بعبادة الله تعالى إلا أنه إذا ضعف لم يظهر أثر ولا ، يظهر به ثواب ولا أجر فإذا ، قوي حمل على الموالاة والنصرة والذب بالنفس والمال واللسان وتتفاوت ، الناس فيه بحسب تفاوتهم في حب الله عز وجل ولو كان الحب مقصورا على حظ ينال من المحبوب في الحال أو المآل لما تصور حب الموتى من العلماء والعباد ومن الصحابة والتابعين بل من الأنبياء المنقرضين صلوات الله عليهم وسلامه ، وحب جميعهم مكنون في قلب كل مسلم متدين ويتبين ذلك بغضبه عند طعن أعدائهم في واحد منهم ويفرحه عند الثناء عليهم وذكر محاسنهم وكل ذلك حب لله لأنهم خواص عباد الله .
وأحب من أحبه إلا أنه يمتحن الحب بالمقابلة بحظوظ النفس ، وقد يغلب بحيث لا يبقى لنفس حظ إلا فيما هو حظ المحبوب ، وعنه عبر قول من قال: ومن أحب ملكا أو شخصا جميلا أحب خواصه وخدمه
أريد وصاله ويريد هجري فأترك ما أريد لما يريد
وما لجرح إذا أرضاكم ألم
.كمن تسمح نفسه بأن يشاطر محبوبه في نصف ماله ، أو في ثلثه أو في عشره فمقادير الأموال موازين المحبة إذ لا تعرف درجة المحبوب إلا بمحبوب يترك في مقابلته ، فمن استغرق الحب جميع قلبه لم يبق له محبوب سواه ، فلا يمسك لنفسه شيئا مثل وقد يكون الحب بحيث يترك به بعض الحظوظ دون بعض الصديق رضي الله عنه ، فإنه لم يترك لنفسه أهلا ولا مالا فسلم ابنته التي هي قرة عينه وبذل جميع ماله . أبي بكر
قال رضي الله عنهما بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وعنده ابن عمر وعليه عباءة قد خللها على صدره بخلال إذ نزل أبو بكر جبريل عليه السلام فأقرأه عن الله السلام وقال له : يا رسول الله ما لي ، أرى عليه عباءة قد خللها على صدره بخلال ، فقال : أنفق ماله علي قبل الفتح ، قال فأقره : من الله السلام وقل له : يقول لك ربك : أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط قال ؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبا بكر وقال : يا أبي بكر ، هذا أبا بكر جبريل يقرئك السلام من الله ويقول : أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط قال ؟ فبكى رضي الله عنه وقال : أعلى ربي أسخط أنا عن ربي راض . أبو بكر
فحصل من هذا أو في خير ، فإنما أحبه في ، الله ولله ، وله فيه من الأجر والثواب بقدر قوة حبه ، فهذا شرح الحب في الله ودرجاته ، وبهذا يتضح البغض في الله أيضا ، ولكن نزيده بيانا . أن كل من أحب عالما أو عابدا ، أو أحب شخصا راغبا في علم