القسم الأول : وهو أشدها فهؤلاء الأولى الإعراض عنهم وترك مخالطتهم والانقباض عن معاملتهم ؛ لأن المعصية شديدة فيما يرجع إلى إيذاء الخلق . ما يتضرر به الناس كالظلم والغصب وشهادة الزور والغيبة والنميمة
ثم هؤلاء ينقسمون إلى من يظلم في الدماء وإلى من يظلم في الأموال وإلى من يظلم في الأعراض وبعضها أشد من بعض فالاستحباب في إهانتهم والإعراض عنهم مؤكد جدا ومهما كان يتوقع من الإهانة زجرا لهم أو لغيرهم كان الأمر فيه آكد وأشد .
. الثاني : الذي يهيئ أسباب الفساد ويسهل طرقه على الخلق فهذا لا يؤذي الخلق في دنياهم ولكن يختلس بفعله دينهم وإن كان وفق رضاهم فهو قريب من الأول ولكنه أخف منه ؛ فإن المعصية بين العبد وبين الله تعالى إلى العفو أقرب ولكن من حيث إنه متعد على الجملة إلى غيره فهو شديد وهذا أيضا يقتضي الإهانة والإعراض والمقاطعة وترك جواب السلام إذا ظن أن فيه نوعا من الزجر له أو لغيره . صاحب الماخور
. الثالث : يخصه فالأمر فيه أخف ولكنه في وقت مباشرته إن صودف يجب منعه بما يمتنع به منه ولو بالضرب والاستخفاف فإن النهي عن المنكر واجب وإذا فرغ منه ، وعلم أن ذلك من عادته وهو مصر عليه ، فإن تحقق أن نصحه يمنعه عن العود إليه وجب النصح وإن لم يتحقق ولكنه كان يرجو فالأفضل النصح والزجر بالتلطف أو بالتغليظ إن كان هو الأنفع ، فأما الإعراض عن جواب سلامه والكف عن مخالطته حيث يعلم أنه يصر وأن النصح ليس ينفعه فهذا فيه نظر ، وسير العلماء فيه مختلفة ، والصحيح أن ذلك يختلف باختلاف نية الرجل فعند هذا يقال : الأعمال بالنيات . الذي يفسق في نفسه بشرب خمر أو ترك واجب أو مقارفة محظور