الفائدة الثانية .
النفع والانتفاع أما الانتفاع . بالناس فبالكسب والمعاملة
وذلك لا يتأتى إلا بالمخالطة والمحتاج إليه مضطر إلى ترك العزلة فيقع في جهاد من المخالطة أن طلب موافقة الشرع فيه كما ذكرناه في كتاب الكسب فإن كان معه مال لو اكتفى به قانعا لأقنعه فالعزلة أفضل له إذا انسدت طرق المكاسب في الأكثر إلى من المعاصي إلا أن يكون غرضه الكسب للصدقة .
فإذا اكتسب من وجهه وتصدق به فهو أفضل من العزلة للاشتغال بالنافلة وليس بأفضل من العزلة للاشتغال بالتحقق في معرفة الله ومعرفة علوم الشرع ولا من الإقبال بكنه الهمة على الله تعالى والتجرد بها لذكر الله أعني من حصل له أنس بمناجاة الله عن كشف وبصيرة لا عن أوهام وخيالات فاسدة .
وأما النفع فهو أن ينفع الناس إما بماله أو ببدنه فيقوم بحاجاتهم على سبيل الحسبة .
ففي النهوض بقضاء حوائج المسلمين ثواب وذلك لا ينال إلا بالمخالطة .
ومن قدر عليها مع القيام بحدود الشرع فهي أفضل له من العزلة إن كان لا يشتغل في عزلته إلا بنوافل الصلوات والأعمال البدنية ، وإن كان ممن انفتح له طريق العمل بالقلب بدوام ذكر أو فكر فذلك لا يعدل به غيره ألبتة .