وكل مذكور في العلم محصل له من زمان الصحابة إلى زماننا هذا لم يحصل العلم إلا بالسفر وسافر لأجله وأما علمه بنفسه وأخلاقه فذلك أيضا مهم ، فإن ومن لا يطلع على أسرار باطنه وخبائث صفاته لا يقدر على تطهير القلب منها . طريق الآخرة لا يمكن سلوكها إلا بتحسين الخلق وتهذيبه
وإنما السفر هو الذي يسفر عن أخلاق الرجال وبه يخرج الله الخبء في السماوات والأرض وإنما سمي السفر سفرا لأنه يسفر عن الأخلاق ولذلك قال رضي الله عنه للذي زكى عنده بعض الشهود هل صحبته في السفر الذي يستدل به على مكارم أخلاقه ؟ فقال : لا ، فقال : ما أراك تعرفه . عمر
وكان بشر يقول : يا معشر القراء سيحوا تطيبوا فإن الماء إذا ساح طاب ، وإذا طال مقامه في موضع تغير .
وبالجملة فإن النفس في الوطن مع مواتاة الأسباب لا تظهر خبائث أخلاقها لاستئناسها بما يوافق طبعها من المألوفات المعهودة فإذا حملت وعثاء السفر وصرفت عن مألوفاتها المعتادة وامتحنت بمشاق الغربة انكشفت غوائلها ووقع الوقوف على عيوبها فيمكن الاشتغال بعلاجها .