وهي إلى أبصار ذوي البصائر مسافرات في الشهر والسنة مرات بل هي دائبة في الحركة على توالي الأوقات .
فمن الغرائب أن يدأب في الطواف بآحاد المساجد من أمرت الكعبة أن تطوف به ومن الغرائب أن يطوف في أكناف الأرض من يطوف به أقطار السماء .
ثم ما دام المسافر مفتقرا إلى أن يبصر عالم الملك والشهادة بالبصر الظاهر فهو بعد في المنزل الأول من منازل السائرين إلى الله والمسافرين إلى حضرته وكأنه ، معتكف على باب الوطن لم يفض به المسير إلى متسع الفضاء ولا سبب لطول المقام في هذا المنزل إلا الجبن والقصور .
ولذلك قال بعض أرباب القلوب إن الناس ليقولون : افتحوا أعينكم حتى تبصروا وأنا أقول غمضوا أعينكم حتى تبصروا وكل واحد من القولين حق إلا أن الأول خبر عن المنزل الأول القريب من الوطن والثاني خبر عما بعده من المنازل البعيدة عن الوطن التي لا يطؤها إلا مخاطر بنفسه والمجاوز إليها ربما يتيه فيها سنين وربما يأخذ التوفيق بيده فيرشده إلى سواء السبيل والهالكون في التيه هم الأكثرون من ركاب هذه الطريق ولكن السائحون بنور التوفيق فازوا بالنعيم والملك المقيم وهم الذين سبقت لهم من الله الحسنى واعتبر هذا الملك بملك الدنيا فإنه يقل بالإضافة إلى كثرة الخلق طلابه ومهما عظم المطلوب قل المساعد .
ثم الذي يهلك أكثر من الذي يملك .
ولا يتصدى لطلب الملك العاجز الجبان لعظيم الخطر وطول التعب .
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
وما أودع الله العز والملك في الدين والدنيا إلا في حيز الخطر .وقد يسمى الجبان الجبن والقصور باسم الحزم والحذر كما قيل .
يرى
الجبناء أن الجبن حزم وتلك خديعة الطبع اللئيم