وأما دليل صحة الصورة التي صورناها وهو حصر جهات العالم في أربع جهات فقوله صلى الله عليه وسلم في آداب قضاء الحاجة : . لا تستقبلوا بها القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا
وقال : .
هذا بالمدينة والمشرق على يسار المستقبل بها والمغرب على يمينه فنهى عن جهتين ورخص في جهتين .
ومجموع ذلك أربع جهات .
ولم يخطر ببال أحد أن جهات العالم يمكن أن تفرض في ستة أو سبعة أو عشر .
وكيفما كان فما حكم الباقي بل الجهات تثبت في الاعتقادات بناء على خلقة الإنسان وليس له إلا أربع جهات قدام وخلف ويمين وشمال ، فكانت الجهات بالإضافة إلى الإنسان في ظاهر النظر أربعا .
والشرع لا يبنى إلا على مثل هذه الاعتقادات فظهر أن المطلوب الجهة وذلك يسهل أمر الاجتهاد فيها وتعلم به أداة ، القبلة .
فأما مقابلة العين فإنها تعرف بمعرفة مقدار عرض مكة عن خط الاستواء ومقدار درجات طولها وهو بعدها عن أول عمارة في المشرق .
ثم يعرف ذلك أيضا في موقف المصلي ثم يقابل أحدهما بالآخر .
ويحتاج فيه إلى آلات وأسباب طويلة والشرع غير مبني عليها قطعا .
فإذن
لا بد من تعلمه من أدلة القبلة موقع المشرق والمغرب في الزوال وموقع الشمس وقت العصر فبهذا يسقط الوجوب . القدر الذي عليه السلام .
فإن قلت : فلو خرج المسافر من غير تعلم ذلك هل يعصى ؟ فأقول : إن كان طريقه على قرى متصلة فيها محاريب أو كان معه في الطريق بصير بأدلة القبلة موثوق بعدالته وبصيرته ويقدر على تقليده فلا يعصى .
وإن لم يكن معه شيء من ذلك عصى .
; لأنه سيتعرض لوجوب الاستقبال ولم يكن قد حصل علمه فصار ذلك كعلم التيمم وغيره .
فإن تعلم هذه الأدلة واستبهم عليه الأمر بغيم مظلم .
أو ترك التعلم ولم يجد في الطريق من يقلده فعليه أن يصلي في الوقت على حسب حاله ثم عليه القضاء سواء أصاب أم أخطأ .
والأعمى ليس له إلا التقليد فليقلد من يوثق بدينه وبصيرته إن كان مقلده مجتهدا في القبلة وإن كانت القبلة ظاهرة فله اعتماد قول كل عدل يخبره بذلك في حضر أو سفر .