أما بعد : فإن القلوب والسرائر خزائن الأسرار ومعادن الجواهر وقد طويت فيها جواهرها كما طويت النار في الحديد والحجر كما أخفى الماء تحت التراب والمدر ولا سبيل إلى استثارة خفاياها إلا بقوادح السماع ولا منفذ إلى القلوب إلى من دهليز الأسماع فالنغمات الموزونة المستلذة تخرج ما فيها وتظهر محاسنها أو مساويها فلا يظهر من القلب عند التحريك إلا ما يحويه .
كما لا يرشح الإناء إلا بما فيه فالسماع للقلب محك صادق ومعيار ناطق فلا يصل نفس السماع إليه إلا وقد تحرك فيه ما هو الغالب عليه وإذا كانت القلوب بالطباع مطيعة للأسماع حتى أبدت بوارداتها مكامنها وكشفت بها عن مساويها وأظهرت محاسنها وجب شرح القول في وما يتطرق إليهما من خلاف العلماء في أنهما من المحظورات أو المباحات . السماع والوجد وبيان ما فيهما من الفوائد والآفات ، وما يستحب فيهما من الآداب والهيئات
ونحن نوضح ذلك في بابين : .
الباب الأول : في إباحة السماع .
الباب الثاني : في آداب السماع وآثاره في القلب بالوجد وفي الجوارح بالرقص والزعق وتمزيق الثياب .