تَضُوعُ مِسْكًا بَطْنُ نُعْمَانَ إِذْ مَشَتْ بِهِ زَيْنَبُ فِي نِسْوَةٍ خَفَرَاتِ
وَلَيْسَتْ كَأُخْرَى أَوْسَعَتْ جَيْبَ دِرْعِهَا وَأَبْدَتْ بَنَانَ الْكَفِّ فِي الْجَمَرَاتِ
وَعَلَتْ بَنَاتُ الْمِسْكِ وَصْفًا مُرْجَلًا عَلَى مِثْلِ بَدْرٍ لَاحَ فِي ظُلُمَاتِ
وَفَاضَتْ تُرَائِي يَوْمَ جَمْعٍ فَأَفْتَنَتْ بِرُؤْيَتِهَا مَنْ رَاحَ مِنْ عَرَفَاتِ
فَمَا رَوْضَةٌ بِالْحُزْنِ طَيِّبَةُ الثَّرَى يَمُدُّ النَّدَا جَثْجَاثَهَا وَعِرَارَهَا
بِأَطْيَبَ مِنْ أَرْدَانِ عَزَّةَ مُوهِنًا وَقَدْ أَوْقَدَتْ بِالْمِنْدَلِ الرَّطْبِ نَارَهَا
مِنَ الْخَفَرَاتِ الْبِيضِ لَمْ تَلْقَ شُقْرَةَ وَبِالْحَسَبِ الْمَكْنُونِ صَافٍ بُخَارُهَا
فَإِنْ بَرَزَتْ كَانَتْ لِعَيْنِكَ قُرَّةً وَإِنْ عَبَثَ عَنْهَا لَمْ يَغُمَّكَ عَارُهَا
فَمَا ظَبْيَةٌ أَدْمَاءُ حُفَافَةُ الْحَشَى تَجُوبُ بِطَلِيقِهَا بُطُونَ الْخَمَائِلِ
بِأَحْسَنَ مِنْهَا إِذْ تَقُولُ تَدَلُّلًا وَأَدْمُعُهَا تَذْرِينَ حَشْوَ الْمَكَاحِلِ
تَمَتَّعْ بِذَا الْيَوْمِ الْقَصِيرِ فَإِنَّهُ رَهِينٌ بِأَيَّامِ الشُّهُورِ الْأَطَاوِلِ
مُغِيرِيَّةٌ كَالْبَدْرِ سَنَةٌ وَجْهُهَا مُطَهَّرَةُ الْأَثْوَابِ وَالْعِرْضُ وَافِرُ
لَهَا حَسَبُ ذَاكَ وَعِرْضٌ مُهَذَّبُ وَعَنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنَ الْأَمْرِ زَاجِرُ
مِنَ الْخَفَرَاتِ الْبِيضِ لَمْ تَلْقَ رِيبَةً وَلَمْ يَسْتَمِلْهَا عَنْ تُقَى اللَّهِ شَاعِرُ
أَلَمَّتْ بِنَا وَاللَّيْلُ دَلْجٌ كَأَنَّهُ جَنَاحُ غُرَابٍ عَنْهُ قَدْ نَفَضَ الْقَطْرَا
فَقُلْتُ: أَعَطَّارٌ ثَوَى فِي رِحَالِنَا وَمَا احْتَمَلَتْ لَيْلَى سِوَى رِيحِهَا عِطْرَا
فَلَا زَالَ قِصَرٌ بَيْنَ بَصَرِي وَحَلْقٍ عَلَيْهِ مِنَ الْوَسْمِيِّ جُودٌ وَوَابِلُ
لَئِنْ فَتَنَتْنِي فَهِيَ بِالْأَمْسِ فَتَنَتْ سَعِيدًا فَأَضْحَى قَدْ قَلَى كُلَّ مُسْلِمٍ
وَأَلْقَى مَفَاتِيحَ الْقِرَاءَةِ وَاشْتَرَى وِصَالَ الْغَوَانِي بِالْكِتَابِ الْمُنَمِّمِ
ذَكَرٌ انْقَلَبَ ذَكَرُهُ أَمْ زَيْدٌ وَالْمَطَايَا بِالشُّهُبِ شُهُبُ الرِّكَابِ
وَبِنُعْمَانَ طَافَ مِنْهَا خَيَالٌ يَا لِقَوْمِي مِنْ طَيْفِهَا الْمُنْتَابِ
عَلَّلَتْهُ وَقَرَّبَتْهُ بِوَعْدِ ذَاكَ مِنْهَا إِلَى مَشِيبِ الْغُرَابِ
بِتُّ فِي نِعْمَةٍ وَبَاتَ وِسَادِي بَيْنَ كَفٍّ حَدِيثَةٍ بِخِضَابِ
كَانَ قَدْ شَهِدْتُ النَّاسَ يَوْمَ تَقَسَّمَتْ خَلَائِقُهُمْ فَاخْتَرْتُ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا
إِعَارَةُ سَمْعِ كُلِّ مُغْتَابِ صَاحِبٍ وَيَأْتِي بِعَيْبِ النَّاسِ إِلَّا تَتَبُّعًا
وَأَعْجَبُ مِنْ هَاتَيْنِ أَنَّكَ تَدَّعِي السَّلَامَةَ مِنْ عَيْبِ الْخَلِيقَةِ أَجْمَعَا
وَأَنَّكَ لَوْ حَاوَلْتَ فِعْلَ إِسَاءَةٍ فَكُوفِيتَ إِحْسَانًا جَحَدْتَهُمْ مَعًا
أَضَاعُونِي وَأَيُّ فَتَى أَضَاعُوا لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ وَسَدَادِ ثَغْرِ
لِخَطْبِ الشَّارِبِينَ يَضِيقُ صَدْرِي وَيُوَفِّقُنِي تَلَقِّيهِمْ بِضُرِّ
فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَهُوَ عَدْلٌ وَفَرَّ مِنَ الْقَضَاءِ مَسِيرَ شَهْرِ
فَقِيهٌ لَا يُدَانِيهِ فَقِيهٌ إِذَا ذُكِرَ الْقِيَاسُ أَتَى بِدُرِّ
وَكَانَ لَهُ مِنَ الشَّرَابِ جَارٌ يُوَاصِلُ مَغْرِبًا مِنْهَا بِفَجْرِ
وَكَانَ إِذَا انْتَشَى غَنَّى بِبَيْتِ الْمُضَاعِ بِسِجْنِهِ مِنْ آلِ عَمْرِو
أَضَاعُونِي وَأَيُّ فَتَى أَضَاعُوا لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ وَسَدَادِ ثَغْرِ
فَغَيَّبَ صَوْتَ ذَاكَ الْجَارِ سِجْنٌ وَلَمْ يَكُنِ الْإِمَامُ بِذَاكَ يَدْرِي
فَقَالَ وَقَدْ مَضَى لَيْلٌ وَثَانٍ وَلَمْ يَسْمَعْ غِنَاءً لَيْتَ شِعْرِي
أُجَارِي الْمُؤْنِسِيَّ لَيْلًا غِنَاهُ لِخَيْرٍ قُطِعَ ذَلِكَ أَمْ لِشَرِّ
فَقَالُوا إِنَّهُ فِي سِجْنِ عِيسَى أَتَوْهُ بِهِ بِلَيْلٍ وَهُوَ يَسْرِي
فَنَادَى بِالطَّوِيلَةِ وَهِيَ مِمَّا يَكُونُ بِرَأْسِهِ لِجَلِيلِ أَمْرِ
وَيَمَّمَ جَارَهُ عِيسَى بْنُ مُوسَى فَلَاقَاهُ بِإِكْرَامٍ وَبِشْرِ
فَقَالَ سَجَنْتَ لِي جَارًا يُسَمَّى بِعَمْرٍو قَالَ يُطْلَقُ كُلُّ عَمْرِي
سُلَيْمَى أَزْمَعَتْ بَيْنًا وَأَيْنَ لِقَاؤُهُمْ أَيْنَا وَقَدْ قَالَتْ لِأَتْرَابٍ
لَهَا زَهْرٌ تَلَاقَيْنَا تَعَالَيْنَ فَقَدْ طَابَ
لَنَا الْعَيْشُ تَعَالَيْنَا
أَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَعَ مَنْ يَطُوفُ وَأَرْفَعُ مِنْ مِئْزَرِي الْمُسْبَلَ
وَأَسْجُدُ بِاللَّيْلِ حَتَّى الصُّبْحِ وَأَتْلُو مِنَ الْمُحْكَمِ الْمُنَزَّلِ
عَسَى فَارِجُ الْهَمِّ عَنْ يُوسُفَ يُسَخِّرُ لِي رَبَّةَ الْمَحْمَلِ
تضوع مسكا بطن نعمان إذ مشت به زينب في نسوة خفرات
وليست كأخرى أوسعت جيب درعها وأبدت بنان الكف في الجمرات
وعلت بنات المسك وصفا مرجلا على مثل بدر لاح في ظلمات
وفاضت ترائي يوم جمع فأفتنت برؤيتها من راح من عرفات
فما روضة بالحزن طيبة الثرى يمد الندا جثجاثها وعرارها
بأطيب من أردان عزة موهنا وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها
من الخفرات البيض لم تلق شقرة وبالحسب المكنون صاف بخارها
فإن برزت كانت لعينك قرة وإن عبث عنها لم يغمك عارها
فما ظبية أدماء حفافة الحشى تجوب بطليقها بطون الخمائل
بأحسن منها إذ تقول تدللا وأدمعها تذرين حشو المكاحل
تمتع بذا اليوم القصير فإنه رهين بأيام الشهور الأطاول
مغيرية كالبدر سنة وجهها مطهرة الأثواب والعرض وافر
لها حسب ذاك وعرض مهذب وعن كل مكروه من الأمر زاجر
من الخفرات البيض لم تلق ريبة ولم يستملها عن تقى الله شاعر
ألمت بنا والليل دلج كأنه جناح غراب عنه قد نفض القطرا
فقلت: أعطار ثوى في رحالنا وما احتملت ليلى سوى ريحها عطرا
فلا زال قصر بين بصري وحلق عليه من الوسمي جود ووابل
لئن فتنتني فهي بالأمس فتنت سعيدا فأضحى قد قلى كل مسلم
وألقى مفاتيح القراءة واشترى وصال الغواني بالكتاب المنمم
ذكر انقلب ذكره أم زيد والمطايا بالشهب شهب الركاب
وبنعمان طاف منها خيال يا لقومي من طيفها المنتاب
عللته وقربته بوعد ذاك منها إلى مشيب الغراب
بت في نعمة وبات وسادي بين كف حديثة بخضاب
كان قد شهدت الناس يوم تقسمت خلائقهم فاخترت منهن أربعا
إعارة سمع كل مغتاب صاحب ويأتي بعيب الناس إلا تتبعا
وأعجب من هاتين أنك تدعي السلامة من عيب الخليقة أجمعا
وأنك لو حاولت فعل إساءة فكوفيت إحسانا جحدتهم معا
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر
لخطب الشاربين يضيق صدري ويوفقني تلقيهم بضر
فإن أبا حنيفة وهو عدل وفر من القضاء مسير شهر
فقيه لا يدانيه فقيه إذا ذكر القياس أتى بدر
وكان له من الشراب جار يواصل مغربا منها بفجر
وكان إذا انتشى غنى ببيت المضاع بسجنه من آل عمرو
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر
فغيب صوت ذاك الجار سجن ولم يكن الإمام بذاك يدري
فقال وقد مضى ليل وثان ولم يسمع غناء ليت شعري
أجاري المؤنسي ليلا غناه لخير قطع ذلك أم لشر
فقالوا إنه في سجن عيسى أتوه به بليل وهو يسري
فنادى بالطويلة وهي مما يكون برأسه لجليل أمر
ويمم جاره عيسى بن موسى فلاقاه بإكرام وبشر
فقال سجنت لي جارا يسمى بعمرو قال يطلق كل عمري
سليمى أزمعت بينا وأين لقاؤهم أينا وقد قالت لأتراب
لها زهر تلاقينا تعالين فقد طاب
لنا العيش تعالينا
أطوف بالبيت مع من يطوف وأرفع من مئزري المسبل
وأسجد بالليل حتى الصبح وأتلو من المحكم المنزل
عسى فارج الهم عن يوسف يسخر لي ربة المحمل