ومن الأدب ، إذ الرقص من غير إظهار التواجد مباح ، والمتواجد هو الذي يلوح للجميع منه أثر التكلف . أن لا يقوم للرقص مع القوم إن كان يستثقل رقصه ولا يشوش عليهم أحوالهم
ومن يقوم عن صدق لا تستثقله الطباع فقلوب الحاضرين إذا كانوا من أرباب القلوب محك للصدق والتكلف .
سئل بعضهم عن الوجد الصحيح فقال : صحته قبول قلوب الحاضرين له إذا كانوا أشكالا غير أضداد .
فإن قلت : فما بال الطباع تنفر عن الرقص ويسبق إلى الأوهام أنه باطل ولهو ومخالف للدين فلا يراه ذو جد في الدين إلا وينكره .
فاعلم أن الجد لا يزيد على جد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد رأى الحبشة يزفنون في المسجد وما أنكره لما كان في وقت لائق به وهو العيد ومن شخص لائق به وهم الحبشة .
نعم نفرة الطباع عنه ; لأنه يرى غالبا مقرونا باللهو واللعب ، واللهو واللعب مباح ، ولكن للعوام من الزنوج والحبشة ومن أشبههم .
وهو مكروه لذوي المناصب لأنه لا يليق بهم وما كره لكونه غير لائق بمنصب ذي المنصب فلا يجوز أن يوصف بالتحريم فمن سأل فقيرا شيئا فأعطاه رغيفا كان ذلك طاعة مستحسنة ، ولو سأل ملكا فأعطاه رغيفا أو رغيفين لكان ذلك منكرا عند الناس كافة ومكتوبا في تواريخ الأخبار من جملة مساوية ويعير به أعقابه وأشياعه ومع هذا فلا يجوز أن يقال : ما فعله حرام ; لأنه من حيث إنه أعطى خبزا للفقير حسن ، ومن حيث أنه بالإضافة إلى منصبه كالمنع بالإضافة إلى الفقير مستقبح ، فكذلك الراقص وما يجري مجراه من المباحات ، ومباحات العوام سيئات الأبرار وحسنات الأبرار .
سيئات المقربين ولكن هذا من حيث الالتفات إلى المناصب .