الباب الثاني في أركان الأمر بالمعروف وشروطه .
اعلم أن الأركان في أربعة . المحتسب والمحتسب عليه والمحتسب فيه . الحسبة التي هي عبارة شاملة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ونفس الاحتساب ، فهذه أربعة أركان ، ولكل واحد منها شروط: الركن الأول : المحتسب وله شروط : وهو أن يكون مكلفا مسلما قادرا ، فيخرج منه المجنون والصبي والكافر والعاجز ويدخل فيه آحاد الرعايا وإن لم يكونوا مأذونين ويدخل فيه الفاسق والرقيق والمرأة فلنذكر وجه اشتراط ما اشترطناه ، ووجه اطراح ما اطرحناه ، أما الشرط الأول ، وهو التكليف ، فلا يخفى وجه اشتراطه ؛ فإن غير المكلف لا يلزمه أمر وما ذكرناه أردنا به شرط الوجوب فأما إمكان الفعل وجوازه فلا يستدعي إلا العقل حتى إن الصبي المراهق للبلوغ المميز ، وإن لم يكن مكلفا فله إنكار المنكر ، وله أن يريق الخمر ويكسر الملاهي ، وإذا فعل ذلك نال به ثوابا ، ولم يكن لأحد منعه من حيث إنه ليس بمكلف فإن هذه قربة وهو من أهلها ، كالصلاة والإمامة وسائر القربات وليس حكمه حكم الولايات حتى يشترط فيه التكليف ، ولذلك أثبتناه للعبد ، وآحاد الرعية ، نعم في المنع بالفعل وإبطال المنكر نوع ولاية وسلطنة ، ولكنها تستفاد بمجرد الإيمان كقتل المشرك وإبطال أسبابه ، وسلب أسلحته فإن للصبي أن يفعل ذلك ، حيث لا يستضر به فالمنع من الفسق كالمنع من الكفر ، وأما الشرط الثاني ، وهو الإيمان ، فلا يخفى وجه اشتراطه ؛ لأن هذا نصرة للدين فكيف يكون من أهله من هو جاحد لأصل الدين وعدو له .