الشرط الرابع كونه مأذونا من جهة الإمام والوالي فقد شرط قوم هذا الشرط ، ولم يثبتوا للآحاد من الرعية الحسبة ، وهذا الاشتراط فاسد فإن الآيات والأخبار التي أوردناها تدل على أن كل من رأى منكرا فسكت عليه عصى إذ يجب نهيه أينما رآه، وكيفما رآه على العموم فالتخصيص بشرط التفويض من الإمام تحكم لا أصل له ، والعجب أن الروافض زادوا على هذا ، فقالوا : لا يجوز الأمر بالمعروف ما لم يخرج الإمام المعصوم ، وهو الإمام الحق عندهم وهؤلاء أخس رتبة من أن يكلموا بل جوابهم أن يقال لهم : إذا جاءوا إلى القضاء طالبين لحقوقهم في دمائهم وأموالهم: إن نصرتكم أمر بالمعروف، واستخراج حقوقكم من أيدي من ظلمكم نهي عن المنكر ، وطلبكم لحقكم من جملة المعروف ، وما هذا زمان النهي عن الظلم وطلب الحقوق ؛ لأن الإمام الحق بعد لم يخرج فإن قيل في : ولذلك لم يثبت للكافر على المسلم ، مع كونه حقا ، فينبغي أن لا يثبت لآحاد الرعية إلا بتفويض من الوالي وصاحب الأمر فنقول أما الكافر فممنوع ؛ لما فيه من السلطنة وعز الاحتكام ، والكافر ذليل ؛ فلا يستحق أن ينال عز التحكم على المسلم ، وأما آحاد المسلمين فيستحقون هذا العز بالدين والمعرفة وما فيه من عز السلطنة والاحتكام لا يحوج إلى تفويض كعز التعليم والتعريف ؛ إذ لا خلاف في أن تعريف التحريم والإيجاب لمن هو جاهل ومقدم على المنكر بجهله لا يحتاج إلى إذن الوالي ، وفيه عز الإرشاد ، وعلى المعرف ذلك التجهيل ، وذلك يكفي فيه مجرد الدين وكذلك ، النهي وشرح القول في هذا أن الأمر بالمعروف إثبات سلطنة وولاية واحتكام على المحكوم عليه كما سيأتي أولها: . الحسبة لها خمس مراتب ،
التعريف .
والثاني : الوعظ بالكلام اللطيف .
والثالث : السب والتعنيف ، ولست أعني بالسب الفحش بل أن يقول: يا جاهل ، يا أحمق ألا تخاف الله وما يجري هذا المجرى والرابع : المنع بالقهر بطريق المباشرة ككسر الملاهي ، وإراقة الخمر واختطاف الثوب الحرير من لابسه واستلاب الثوب المغصوب منه ، ورده على صاحبه .
والخامس : التخويف والتهديد بالضرب ومباشرة الضرب له؛ حتى يمتنع عما هو عليه كالمواظب على الغيبة والقذف فإن سلب لسانه غير ممكن ، ولكن يحمل على اختيار السكوت بالضرب ، وهذا قد يحوج إلى استعانة وجمع أعوان من الجانبين ويجر ذلك إلى قتال، وسائر المراتب لا يخفى وجه استغنائها عن إذن الإمام ، إلا المرتبة الخامسة فإن فيها نظرا سيأتي .