الدرجة الرابعة : وذلك يعدل إليه عند العجز عن المنع باللطف وظهور مبادئ الإصرار والاستهزاء بالوعظ والنصح ، وذلك مثل قول السب والتعنيف بالقول الغليظ الخشن : إبراهيم عليه السلام : أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون ولسنا نعني بالسب والفحش بما فيه نسبة إلى الزنا ومقدماته ، ولا الكذب ، بل أن يخاطبه بما فيه ، مما لا يعد من جملة الفحش ، كقوله : يا فاسق ، يا أحمق ، يا جاهل ، ألا تخاف الله وكقوله يا سوادي يا غبي ، وما يجري هذا المجرى فإن كل فاسق فهو أحمق وجاهل ولولا حمقه لما عصى الله تعالى ، بل كل من ليس بكيس ، فهو أحمق ، والكيس من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكياسة ، حيث قال : الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله .
ولهذه الرتبة أدبان ، أحدهما أن لا يقدم عليها إلا عند الضرورة والعجز عن اللطف ، والثاني أن لا : ينطق إلا بالصدق ، ولا يسترسل فيه فيطلق لسانه الطويل بما لا يحتاج إليه، بل يقتصر على قدر الحاجة فإن علم أن خطابه بهذه الكلمات الزاجرة ليست تزجره فلا ينبغي أن يطلقه ، بل يقتصر على إظهار الغضب والاستحقار له والازدراء بمحله؛ لأجل معصيته، وإن علم أنه لو تكلم ضرب ولو اكفهر وأظهر الكراهة بوجهه لم يضرب ، لزمه ولم يكفه الإنكار بالقلب ، بل يلزمه أن يقطب وجهه ، ويظهر الإنكار له .