وقال إن حماد بن سلمة مر عليه رجل قد أسبل إزاره فهم أصحابه أن يأخذوه بشدة ، فقال : دعوني أنا أكفيكم ، فقال : يا ابن أخي إن لي إليك حاجة، قال : وما حاجتك يا عم ، قال : أحب أن ترفع من إزارك ، فقال : نعم وكرامة ، فرفع إزاره ، فقال لأصحابه : لو أخذتموه بشدة لقال : لا ولا كرامة وشتمكم . صلة بن أشيم
وقال محمد بن زكريا الغلابي: شهدت عبد الله بن محمد بن عائشة ليلة وقد خرج من المسجد بعد المغرب يريد منزله ، وإذا في طريقه غلام من قريش سكران وقد قبض على امرأة فجذبها فاستغاثت ، فاجتمع الناس عليه يضربونه ، فنظر إليه ابن عائشة فعرفه فقال للناس : تنحوا عن ابن أخي ثم قال إلي يا ابن أخي فاستحى الغلام ، فجاء إليه فضمه إلى نفسه ، ثم قال له : امض معي فمضى معه حتى صار إلى منزله ، فأدخله الدار ، وقال لبعض غلمانه : بيته عندك فإذا أفاق من سكره فأعلمه بما كان منه ولا تدعه ينصرف حتى تأتيني به ، فلما أفاق ذكر له ما جرى فاستحيا منه وبكى، وهم بالانصراف ، فقال الغلام قد أمر أن تأتيه ، فأدخله عليه ، فقال له : أما استحييت لنفسك ، أما استحييت لشرفك ، أما ترى من ولدك فاتق الله ، وانزع عما أنت فيه فبكى الغلام منكسا رأسه ثم رفع رأسه ، وقال : عاهدت الله تعالى عهدا يسألني عنه يوم القيامة أني لا أعود لشرب النبيذ ولا لشيء مما كنت فيه ، وأنا تائب فقال : ادن مني فقبل رأسه ، وقال : أحسنت يا بني فكان الغلام بعد ذلك يلزمه ويكتب عنه الحديث وكان ذلك ببركة رفقه ثم قال إن الناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويكون معروفهم منكرا ، فعليكم بالرفق في جميع أموركم تنالون به ما تطلبون .
وعن الفتح بن شخرف قال : تعلق رجل بامرأة وتعرض لها ، وبيده سكين لا يدنو منه أحد إلا عقره وكان الرجل شديد البدن فبينا الناس كذلك والمرأة تصيح في يده إذ مر بشر بن الحارث فدنا منه وحك كتفه بكتف الرجل فوقع الرجل على الأرض ومشى بشر فدنوا من الرجل وهو يترشح عرقا كثيرا ومضت المرأة لحالها ، فسألوه : ما حالك ، فقال : ما أدري ولكن حاكني شيخ ، وقال لي : إن الله عز وجل ناظر إليك وإلى ما تعمل ، فضعفت لقوله قدماي وهبته هيبة شديدة ، ولا أدري من ذلك الرجل ، فقالوا له هو : فقال واسوأتاه كيف : ينظر إلي بعد اليوم وحم الرجل من يومه ومات يوم السابع فكذا كانت عادة أهل الدين في الحسبة ، وقد نقلنا فيها آثارا وأخبارا في باب البغض في الله والحب في الله من كتاب آداب الصحبة فلا نطول بالإعادة فهذا تمام النظر في درجات الحسبة وآدابها ، والله الموفق بكرمه، والحمد لله على جميع نعمه . بشر بن الحارث ،