بيان معجزاته وآياته الدالة على صدقه.
اعلم أن من شاهد أحواله صلى الله عليه وسلم وأصغى إلى سماع أخباره المشتملة على أخلاقه وأفعاله وأحواله وعاداته وسجاياه وسياسته لأصناف الخلق وهدايته إلى ضبطهم وتألفه أصناف الخلق وقوده إياهم إلى طاعته مع ما يحكى من عجائب أجوبته في مضايق الأسئلة وبدائع تدبيراته في مصالح الخلق ومحاسن إشاراته في تفصيل ظاهر الشرع الذي يعجز الفقهاء والعقلاء عن إدراك أوائل دقائقها في طول أعمارهم لم يبق له ريب ولا شك في أن ذلك لم يكن مكتسبا بحيلة تقوم بها القوة البشرية بل لا يتصور ذلك إلا بالاستمداد من تأييد سماوي وقوة إلهية وأن ذلك كله لا يتصور لكذاب ولا ملبس بل كانت شمائله وأحواله شواهد قاطعة بصدقه حتى إن العربي القح كان يراه فيقول : والله ما هذا وجه كذاب فكان يشهد له بالصدق بمجرد شمائله فكيف من شاهد أخلاقه ومارس أحواله في جميع مصادره وموارده وإنما أوردنا بعض أخلاقه لتعرف محاسن الأخلاق وليتنبه لصدقه صلى الله عليه وسلم ، وعلو منصبه ومكانته العظيمة عند الله إذ آتاه الله جميع ذلك وهو رجل أمي لم يمارس العلم ، ولم يطالع الكتب ، ولم يسافر قط في طلب علم ، ولم يزل بين أظهر الجهال من الأعراب يتيما ضعيفا مستضعفا فمن أين حصل له محاسن الأخلاق والآداب ومعرفة مصالح الفقه مثلا ? فقط دون غيره من العلوم فضلا عن معرفة الله تعالى وملائكته وكتبه وغير ذلك من خواص النبوة لولا صريح الوحي ومن أين لقوة البشر الاستقلال بذلك فلو لم يكن له إلا هذه الأمور الظاهرة لكان فيه كفاية .
وقد ظهر من آياته ومعجزاته ما لا يستريب فيه محصل ، فلنذكر من جملتها ما استفاضت به الأخبار واشتملت عليه الكتب الصحيحة إشارة إلى مجامعها من غير تطويل بحكاية التفصيل .
فقد خرق الله العادة على يده غير مرة إذ بمكة لما سألته قريش آية . شق له القمر