وكما أن الشياطين فيهم كثرة فكذلك في الملائكة كثرة، وقد ذكرنا في كتاب الشكر السر في وقد قال كثرة الملائكة واختصاص كل واحد منهم بعمل منفرد به، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أبو أمامة الباهلي للبصر سبعة أملاك يذبون عنه كما يذب الذباب عن قصعة العسل في يوم صائف وما لو بدا لكم لرأيتموه على كل سهل وجبل كل باسط يده فاغر فاه، ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين وقال وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك، أيوب بن يزيد بلغنا أنه يولد مع أبناء الإنس من أبناء الجن، ثم ينشئون معهم .
وروى أن جابر بن عبد الله آدم عليه السلام لما أهبط إلى الأرض قال: يا رب هذا الذي جعلت بيني وبينه عداوة، إن لم تعني عليه لا أقوى عليه؟! قال: لا يولد لك ولد إلا وكل به ملك، قال: يا رب زدني ، قال: أجزي بالسيئة سيئة وبالحسنة عشرا إلى ما أريد ، قال: رب زدني ، قال: باب التوبة مفتوح ما دام الروح في الجسد ، قال إبليس: يا رب، هذا العبد الذي كرمته علي ألا تعني عليه لا أقوى عليه؟! قال: لا يولد له ولد إلا ولد لك ولد، قال: رب زدني ، قال: تجري منهم مجرى الدم ، وتتخذون صدورهم بيوتا ، قال: رب زدني ، قال: وأجلب عليهم بخيلك ورجلك إلى قوله: غرورا .
وعن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " أبي الدرداء وصنف كالريح في الهواء وصنف عليهم الثواب والعقاب وخلق الله تعالى الإنس ثلاثة أصناف: صنف كالبهائم، كما قال تعالى: خلق الله الجن ثلاثة أصناف: صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل .
وصنف أجسامهم أجسام بني آدم، وأرواحهم أرواح الشياطين وصنف في ظل الله تعالى يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله .
وقال بلغنا أن إبليس تمثل وهيب بن الورد ليحيى بن زكريا عليهما السلام ، وقال : إني أريد أن أنصحك ، قال : لا حاجة لي في نصحك ، ولكن أخبرني عن بني آدم . قال : هم عندنا ثلاثة أصناف : أما صنف منهم وهم أشد الأصناف علينا ، نقبل على أحدهم حتى نفتنه ونتمكن منه .
فيفزع إلى الاستغفار والتوبة ، فيفسد علينا كل شيء أدركنا منه ، ثم نعود إليه فيعود فلا نحن نيأس منه ولا نحن ندرك منه حاجتنا ، فنحن منه في عناء وأما الصنف الآخر فهم في أيدينا بمنزل الكرة في أيدي صبيانكم نقلبهم كيف شئنا قد كفونا أنفسهم .