، فإن من شبع شرب كثيرا ومن كثر شربه كثر نومه ولأجل ذلك كان بعض الشيوخ يقول عند حضور الطعام : معاشر المريدين ، لا تأكلوا كثيرا فتشربوا كثيرا ، فترقدوا كثيرا ، فتخسروا كثيرا وأجمع رأي سبعين صديقا على أن كثرة النوم من كثرة الشرب وفي كثرة النوم ضياع العمر وفوت التهجد وبلادة الطبع ، وقساوة القلب والعمر أنفس الجواهر وهو رأس مال العبد ، فيه يتجر والنوم موت فتكثيره ينقص العمر ثم فضيلة التهجد لا تخفى وفي النوم فواتها ومهما غلب النوم فإن تهجد لم يجد حلاوة العبادة ثم المتعزب إذا نام على الشبع احتلم ، ويمنعه ذلك أيضا من التهجد ، ويحوجه إلى الغسل إما بالماء البارد ، فيتأذى به ، أو يحتاج إلى الحمام ، وربما لا يقدر عليه بالليل فيفوته الوتر إن كان قد أخره إلى التهجد ، ثم يحتاج إلى مؤنة الحمام وربما تقع عينه على عورة في دخول الحمام ، فإن فيه أخطارا ذكرناها في كتاب الطهارة ، وكل ذلك أثر الشبع ، وقد قال الفائدة السادسة : دفع النوم ودوام السهر الاحتلام عقوبة وإنما قال ذلك لأنه يمنع من عبادات كثيرة لتعذر الغسل في كل حال ، فالنوم منبع الآفات ، والشبع مجلبة له والجوع مقطعة له . أبو سليمان الداراني
[ ص: 398 ]