(بسم الله الرحمن الرحيم) .
، الحمد لله الذي أحسن خلق الإنسان وعدله وألهمه نور الإيمان فزينه به وجمله وعلمه البيان فقدمه به وفضله وأفاض على قلبه خزائن العلوم فأكمله ثم أرسل عليه سترا من رحمته وأسبله ثم أمده بلسان يترجم به عما حواه القلب وعقله ويكشف عنه ستره الذي أرسله وأطلق بالحق مقوله وأفصح بالشكر عما أولاه وخوله من علم حصله ونطق سهله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن ، محمدا عبده ورسوله الذي أكرمه وبجله ونبيه الذي أرسله بكتاب أنزله وأسمى فضله وبين سبله صلى الله عليه وسلم ، ومن قبله ما كبر الله عبد وهلله .
أما بعد ؛ فإن ، ولطائف صنعه الغريبة ، فإنه صغير جرمه عظيم طاعته وجرمه إذا لا يستبين الكفر والإيمان إلا بشهادة اللسان وهما غاية الطاعة والعصيان ثم إنه ما من موجود أو معدوم ، خالق أو مخلوق ، متخيل أو معلوم ، مظنون أو موهوم ، إلا واللسان يتناوله ويتعرض له بإثبات أو نفي ، فإن كل ما يتناوله العلم يعرب عنه اللسان إما بحق أو باطل ، ولا شيء إلا والعلم متناول له وهذه خاصية لا توجد في سائر الأعضاء فإن العين لا تصل إلى غير الألوان والصور والآذان لا تصل إلى غير الأصوات واليد لا تصل إلى غير الأجسام وكذا سائر الأعضاء اللسان من نعم الله العظيمة ليس له مرد ، ولا لمجاله منتهى وحد له في الخير مجال رحب وله في الشر ذيل سحب فمن أطلق عذبة اللسان وأهمله مرخى العنان سلك به الشيطان في كل ميدان ، وساقه إلى شفا جرف هار إلى أن يضطره إلى البوار ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ولا ينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع ، فلا يطلقه إلا فيما ينفعه في الدنيا والآخرة ويكفه عن كل ما يخشى غائلته في عاجله وآجله وعلم ما يحمد فيه إطلاق اللسان ، أو يذم غامض عزيز والعمل بمقتضاه على من عرفه ثقل عسير واللسان رحب الميدان فإنه لا تعب في إطلاقه ، ولا مؤنة في تحريكه ، وقد تساهل الخلق في الاحتراز عن آفاته وغوائله والحذر من مصائده وحبائله وإنه ، أعظم آلة الشيطان في استغواء الإنسان ونحن بتوفيق الله وحسن تدبيره نفصل مجامع وأعصى الأعضاء على الإنسان اللسان ، ونذكرها واحدة واحدة بحدودها وأسبابها وغوائلها ، ونعرف طريق الاحتراز عنها ونورد ما ورد من الأخبار والآثار في ذمها ، فنذكر أولا فضل الصمت ، ونردفه بذكر آفة الكلام فيما لا يعني ثم آفة فضول الكلام ، ثم آفات اللسان ، ثم آفة الخوض في الباطل ، ثم آفة الخصومة ، ثم آفة المراء والجدال وتكلف السجع والفصاحة والتصنع فيه ، وغير ذلك مما جرت به عادة المتفاصحين المدعين للخطابة ، ثم آفة الفحش والسب وبذاءة اللسان ، ثم آفة اللعن ، إما لحيوان أو جماد أو إنسان ، ثم آفة الغناء بالشعر ، وقد ذكرنا في كتاب السماع ما يحرم من الغناء وما يحل ، فلا نعيده ، ثم آفة المزاح ، ثم آفة السخرية والاستهزاء ، ثم آفة إفشاء السر ، ثم آفة الوعد الكاذب ، ثم آفة الكذب في القول واليمين ، ثم بيان التعاريض في الكذب ثم آفة الغيبة ، ثم آفة النميمة ، ثم آفة ذي اللسانين الذي يتردد بين المتعاديين فيكلم كل واحد بكلام يوافقه ثم آفة المدح ، ثم آفة الغفلة عن دقائق الخطأ في فحوى الكلام ، لا سيما فيما يتعلق بالله وصفاته ، ويرتبط بأصول الدين ، ثم آفة سؤال العوام عن صفات الله عز وجل ، وعن الحروف أهي ، قديمة أو محدثة ، وهي آخر الآفات وما يتعلق بذلك ، وجملتها عشرون آفة ، ونسأل الله حسن التوفيق بمنه وكرمه . آفة التقعر في الكلام بالتشدق