ومن هذا قوله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده فالبليد يفتقر فيه إلى أن يقدر للجمادات حياة وعقلا ونطقا بصوت وحرف حتى يقول : سبحان الله ليتحقق تسبيحه .
والبصير يعلم أنه ما أريد به نطق اللسان بل كونه مسبحا بوجوده ومقدسا بذاته ، وشاهدا بوحدانية الله سبحانه كما يقال .
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد وكما يقال : هذه الصنعة المحكمة تشهد لصانعها بحسن التدبير وكمال العلم لا بمعنى أنها تقول : أشهد بالقول ولكن بالذات والحال .
، وكذلك ما من شيء إلا وهو محتاج في نفسه إلى موجد يوجده ويبقيه ويديم أوصافه ويردده في أطواره فهو بحاجته يشهد لخالقه بالتقديس يدرك شهادته ذوو البصائر دون الجامدين على الظواهر .
ولذلك قال تعالى ولكن لا تفقهون تسبيحهم وأما القاصرون فلا يفقهون أصلا ، وأما المقربون والعلماء الراسخون فلا يفقهون كنهه وكماله إذ لكل شيء شهادات شتى على تقديس الله سبحانه وتسبيحه ويدرك كل واحد بقدر عقله وبصيرته وتعداد تلك الشهادات لا يليق بعلم المعاملة .