أما ما له فمثل أن يأخذه ظالم ويسأله عن ماله فله أن ينكره أو يأخذه سلطان فيسأله عن فاحشة بينه وبين الله تعالى ارتكبها ، فله أن ينكر ذلك فيقول : ما زنيت وما سرقت. وقال صلى . الله عليه وسلم : من ارتكب شيئا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله .
وذلك أن إظهار الفاحشة فاحشة أخرى فللرجل أن يحفظ دمه وماله الذي يؤخذ ظلما وعرضه بلسانه ، وإن كان كاذبا .
وأما عرض غيره فبأن يسأله عن سر أخيه ، فله أن ينكره وأن يصلح بين اثنين وأن يصلح بين الضرات من نسائه بأن يظهر لكل واحدة أنها أحب إليه وإن كانت امرأته لا تطاوعه إلا بوعد لا يقدر عليه ، فيعدها في الحال تطييبا لقلبها أو يعتذر إلى إنسان ، وكان لا يطيب قلبه إلا بإنكار ذنب ، وزيادة تودد فلا بأس به ولكن الحد فيه أن الكذب محذور ، ولو صدق في هذه المواضع تولد منه محذور ، فينبغي أن يقابل أحدهما بالآخر ، ويزن بالميزان القسط فإذا علم أن المحذور الذي يحصل بالصدق أشد وقعا في الشرع من الكذب ، فله الكذب وإن كان ذلك المقصود أهون من مقصود الصدق فيجب الصدق وقد يتقابل الأمران ، بحيث يتردد فيهما وعند ذلك الميل إلى الصدق أولى ; لأن الكذب يباح ؛ لضرورة ، أو حاجة مهمة فإن شك في كون الحاجة مهمة ، فالأصل التحريم فيرجع إليه ، ولأجل غموض إدراك مراتب المقاصد ينبغي وكذلك مهما كانت الحاجة له فيستحب له أن يترك أغراضه ويهجر الكذب فأما إذا تعلق بغرض غيره ، فلا تجوز المسامحة لحق الغير ، والإضرار به وأكثر كذب الناس إنما هو لحظوظ أنفسهم ثم هو لزيادات المال والجاه ولأمور ليس فواتها محذورا حتى إن المرأة لتحكي عن زوجها ما تفخر به وتكذب لأجل مراغمة الضرات وذلك حرام وقالت ، أسماء: سمعت امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : إن لي ضرة وإني أتكثر من زوجي بما لم يفعل أضارها بذلك فهل علي شيء فيه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور . أن يحترز الإنسان من الكذب ما أمكنه