. الآفة الخامسة عشرة الغيبة
والنظر فيها طويل فلنذكر ، أولا مذمة الغيبة ، وما ورد فيها من شواهد الشرع وقد نص الله سبحانه على ذمها في كتابه وشبه صاحبه بآكل لحم الميتة ، فقال تعالى ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه وقال عليه السلام : كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه والغيبة تتناول العرض وقد جمع الله بينه وبين المال والدم وقال أبو برزة قال صلى الله عليه وسلم : . لا تحاسدوا ولا تباغضوا ، ولا تفاحشوا ولا تدابروا ولا يغتب بعضكم بعضا ، وكونوا عباد الله إخوانا
وعن جابر وأبي سعيد قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . إياكم والغيبة ؛ فإن الغيبة أشد من الزنا فإن الرجل يزني ويتوب فيتوب الله سبحانه عليه ، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه
وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مررت ليلة أسري بي على أقوام يخمشون وجوههم بأظافيرهم فقلت : يا أنس جبريل ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يغتابون الناس ويقعون في أعراضهم .
وقال سليم بن جابر أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : علمني خيرا أنتفع به فقال : لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تصب من دلوك في إناء المستقى ، وأن تلقى أخاك ببشر حسن وإن أدبر فلا تغتابنه .
وقال البراء خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسمع العوانق في بيوتهن فقال يا معشر من آمن بلسانه ، ولم يؤمن بقلبه لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته .
وقيل: أوحى الله إلى موسى عليه السلام " من مات تائبا من الغيبة فهو آخر من يدخل الجنة ، ومن مات مصرا عليها فهو أول من يدخل النار .
وقال أنس أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بصوم يوم فقال : لا يفطرن أحد حتى آذن له . فصام الناس حتى إذا أمسوا جعل الرجل يجيء فيقول : يا رسول الله ، ظللت صائما فائذن ، لي لأفطر . فيأذن له والرجل والرجل حتى جاء رجل فقال : يا رسول الله ، فتاتان من أهلك ظلتا صائمتين ، وإنهما يستحيان أن يأتياك فائذن ، لهما أن يفطرا . فأعرض عنه صلى الله عليه وسلم ثم عاوده فأعرض عنه ثم عاوده فقال : إنهما لم يصوما وكيف يصوم من ظل نهاره يأكل لحم الناس ؟ اذهب فمرهما إن كانتا صائمتين أن تستقيئا فرجع إليهما فأخبرهما ، فاستقاءتا ، فقاءت كل واحدة منهما علقة من دم فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : والذي نفسي بيده لو بقيتا في بطونهما لأكلتهما النار .
وفي رواية أنه لما أعرض عنه جاء بعد ذلك ، وقال : يا رسول الله والله ، إنهما قد ماتتا ، أو كادتا أن تموتا . فقال صلى الله عليه وسلم : ائتوني بهما فجاءتا ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح ، فقال لإحداهما : قيئي . فقاءت من قيح ودم وصديد ، حتى ملأت القدح ، وقال للأخرى : قيئي . فقاءت كذلك فقال إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى ، فجعلتا تأكلان لحوم الناس .
وقال أنس خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الربا ، وعظم شأنه فقال إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل . وأربى الربا عرض المسلم