وقال صلى الله عليه وسلم : من اتقى ربه كل لسانه ولم يشف غيظه .
وقال صلى الله عليه وسلم : ، دعاه الله تعالى يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء كظم غيظا وهو يقدر على أن يمضيه وفي بعض الكتب المنزلة على بعض النبيين " يا ابن آدم ، اذكرني حين تغضب ، أذكرك حين أغضب ، فلا أمحقك فيمن أمحق . من
" وأما الموافقة فبأن تعلم أن فكيف ترضى لنفسك أن توقر غيرك وتحقر مولاك فتترك رضاه لرضاهم ، إلا أن يكون غضبك لله تعالى ، وذلك لا يوجب أن نذكر المغضوب عليه بسوء بل ينبغي أن تغضب لله أيضا على رفقائك إذا ذكروه بالسوء ؛ فإنهم عصوا ربك بأفحش الذنوب ، وهي الغيبة . الله تعالى يغضب عليك إذا طلبت سخطه في رضا المخلوقين
وأما تنزيه النفس بنسبة الغير إلى الخيانة ، حيث يستغنى عن ذكر الغير ، فتعالجه بأن تعرف أن التعرض لمقت الخالق أشد من التعرض لمقت المخلوقين ، وأنت بالغيبة متعرض لسخط الله يقينا ولا تدري أنك تتخلص من سخط الناس أم لا ، فتخلص نفسك في الدنيا بالتوهم ، وتهلك في الآخرة وتخسر حسناتك بالحقيقة ، ويحصل لك ذم الله تعالى نقدا وتنتظر دفع ذم الخلق نسيئة ، وهذا غاية الجهل والخذلان .
، وأما عذرك كقولك : إن أكلت الحرام ففلان يأكله وإن قبلت مال السلطان ففلان يقبله فهذا جهل ; لأنك تعتذر بالاقتداء بمن لا يجوز الاقتداء به فإن ، كائنا من كان ولو دخل غيرك النار وأنت تقدر على أن لا تدخلها لم توافقه ، ولو وافقته لسفه عقلك . من خالف أمر الله تعالى لا يقتدى به
ففيما ذكرته غيبة وزيادة معصية ، أضفتها إلى ما اعتذرت عنه ، وسجلت مع الجمع بين المعصيتين على جهلك وغباوتك ، وكنت كالشاة تنظر إلى المعزى تردي نفسها من قلة الجبل فهي أيضا تردي نفسها ، ولو كان لها لسان ناطق بالعذر وصرخت بالعذر ، وقالت : العنز أكيس مني ، وقد أهلكت نفسها ، فكذلك أنا أفعل . لكنت تضحك من جهلها وحالك مثل حالها ثم لا تعجب ولا تضحك من نفسك .
! وأما قصدك المباهاة وتزكية النفس بزيادة الفضل بأن تقدح في غيرك ، فينبغي أن تعلم أنك بما ذكرته به أبطلت فضلك عند الله وأنت من ، اعتقاد الناس فضلك على خطر ، وربما نقص اعتقادهم فيك إذا عرفوك بثلب الناس فتكون قد بعت ما عند الخالق يقينا بما عند المخلوقين وهما ولو حصل لك من المخلوقين اعتقاد الفضل لكانوا لا يغنون عنك من الله شيئا .
وأما فهو جمع بين عذابين ; لأنك حسدته على نعمة الدنيا ، وكنت في الدنيا معذبا بالحسد ، فما قنعت بذلك حتى أضفت إليه عذاب الآخرة ، فكنت خاسرا نفسك في الدنيا ، فصرت أيضا خاسرا في الآخرة . الغيبة لأجل الحسد
لتجمع بين النكالين ، فقد قصدت محسودك فأصبت نفسك ، وأهديت إليه حسناتك ، فإذا أنت صديقه ، وعدو نفسك ، إذ لا تضره غيبتك ، وتضرك وتنفعه ؛ إذ تنقل إليه حسناتك أو تنقل ، إليك سيئاته ولا ، تنفعك ، وقد جمعت إلى خبث الحسد جهل الحماقة وربما يكون حسدك وقدحك سبب انتشار فضل محسودك ، كما قيل:
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود
وأما الاستهزاء فمقصودك منه إخزاء غيرك عند الناس بإخزاء نفسك عند الله تعالى ، وعند الملائكة والنبيين عليهم الصلاة والسلام فلو تفكرت في حسرتك وجنايتك وخجلتك وخزيك يوم القيامة يوم تحمل سيئات من استهزأت به وتساق إلى النار لأدهشك ذلك عن إخزاء صاحبك ولو عرفت حالك لكنت أولى أن تضحك منك ، فإنك سخرت به عند نفر قليل وعرضت نفسك ، لأن يأخذ يوم القيامة بيدك على ملأ من الناس ويسوقك تحت سيئاته كما يساق الحمار إلى النار ، مستهزئا بك ، وفرحا بخزيك ومسرورا بنصرة الله تعالى إياه عليك ، وتسلطه على الانتقام منك .وأما الرحمة له على إثمه فهو حسن ولكن حسدك إبليس فأضلك واستنطقك بما ينقل من حسناتك إليه ما هو أكثر من رحمتك ، فيكون جبرا لإثم المرحوم فيخرج عن كونه مرحوما ، وتنقلب أنت مستحقا لأن تكون مرحوما ، إذ حبط أجرك ، ونقصت من حسناتك ، وكذلك ، لا يوجد الغيبة ، وإنما الشيطان حبب إليك الغيبة ليحبط أجر غضبك ، وتصير معرضا لمقت الله عز وجل بالغيبة . الغضب لله تعالى
وأما ، فتعجب من نفسك أنت كيف أهلكت نفسك ودينك بدين غيرك ، أو بدنياه ، وأنت مع ذلك لا تأمن عقوبة الدنيا ، وهو أن يهتك الله سترك كما هتكت بالتعجب ستر أخيك . التعجب إذا أخرجك إلى الغيبة
فإذن ، علاج جميع ذلك المعرفة فقط والتحقق بهذه الأمور التي هي من أبواب الإيمان فمن قوي إيمانه بجميع ذلك انكف لسانه عن الغيبة لا محالة .