الآثار : قال الحسن يا ابن آدم ، كلما غضبت ، أن تثب وثبة ، فتقع في النار  وعن ذي القرنين  أنه لقي ملكا من الملائكة ، فقال : علمني علما أزداد به إيمانا ويقينا ، قال : لا تغضب ، فإن الشيطان أقدر ما يكون على ابن آدم حين يغضب ، فرد الغضب بالكظم وسكنه بالتؤدة وإياك والعجلة ; فإنك إذا عجلت أخطأت حظك ، وكن سهلا لينا للقريب ، والبعيد ، ولا تكن جبارا عنيدا وعن  وهب بن منبه  أن راهبا كان في صومعته فأراد الشيطان أن يضله ، فلم يستطع ، فجاءه حتى ناداه ، فقال له : افتح ، فلم يجبه فقال افتح فإني إن ذهبت ندمت فلم يلتفت إليه ، فقال : إني أنا المسيح  قال الراهب : وإن كنت المسيح  فما أصنع بك ? أليس قد أمرتنا بالعبادة والاجتهاد ? ووعدتنا القيامة فلو جئتنا ، اليوم بغيره لم نقبله منك ، فقال : إني الشيطان ، وقد أردت أن أضلك ، فلم أستطع ، فجئتك لتسألني عما شئت ، فأخبرك فقال : ما أريد أن أسألك عن شيء ، قال : فولى مدبرا ، فقال الراهب : ألا تسمع ? قال : بلى ، قال أخبرني : أي أخلاق بني آدم أعون لك عليهم فقال : الحدة ; إن الرجل إذا كان حديدا قلبناه كما يقلب الصبيان الكرة . 
وقال خيثمة الشيطان يقول : كيف يغلبني ابن آدم ، وإذا رضي جئت حتى أكون في قلبه ، وإذا غضب طرت حتى أكون في رأسه وقال جعفر بن محمد الغضب مفتاح كل شر  وقال بعض الأنصار : رأس الحمق الحدة وقائده ، الغضب ، ومن رضي بالجهل استغنى عن الحلم والحلم زين ومنفعة ،  والجهل شين ومضرة ، والسكوت عن جواب الأحمق جوابه وقال  مجاهد  قال إبليس : ما أعجزني بنو آدم ، فلن يعجزوني في ثلاث إذا سكر أحدهم أخذنا بخزامته فقدناه حيث شئنا ، وعمل لنا بما أحببنا وإذا ، غضب قال بما لا يعلم ، وعمل بما يندم ونبخله بما في يديه ونمنيه بما لا يقدر عليه وقيل لحكيم : ما أملك فلانا لنفسه ! قال : إذا لا تذله الشهوة ، ولا يصرعه الهوى ، ولا يغلبه الغضب وقال بعضهم : إياك والغضب ، فإنه يصيرك إلى ذلة الاعتذار وقيل : اتقوا الغضب ، فإنه يفسد الإيمان  كما يفسد الصبر العسل وقال  عبد الله بن مسعود  انظروا إلى حلم الرجل عند غضبه ، وأمانته عند طمعه ، وما علمك بحلمه إذا لم يغضب ، وما علمك بأمانته إذا لم يطمع وكتب  عمر بن عبد العزيز  إلى عامله : أن لا تعاقب عند غضبك ، وإذا غضبت على رجل فاحبسه ، فإذا سكن غضبك ، فأخرجه ، فعاقبه على قدر ذنبه ، ولا تجاوز به خمسة عشر سوطا . 
وقال علي بن زيد أغلظ رجل من قريش  لعمر بن عبد العزيز  القول ، فأطرق  عمر  زمانا طويلا ، ثم قال : أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان ، فأنال منك اليوم ما تناله مني غدا وقال بعضهم لابنه يا بني ، لا يثبت العقل عند الغضب  كما لا تثبت روح الحي في التنانير المسجورة فأقل الناس غضبا أعقلهم فإن كان للدنيا كان دهاء ومكرا ، وإن كان للآخرة كان حلما وعلما فقد قيل : الغضب عدو العقل ،  والغضب غول العقل . 
وكان  عمر  رضي الله عنه إذا خطب قال في خطبته : أفلح منكم من حفظ من الطمع والهوى ، والغضب وقال بعضهم : من أطاع شهوته وغضبه قاداه إلى النار وقال الحسن من علامات المسلم قوة في دين ، وحزم في لين ، وإيمان في يقين ، وعلم في حلم ، وكيس في رفق ، وإعطاء في حق ، وقصد في غنى ، وتجمل في فاقة وإحسان في قدرة وتحمل في رفاقة وصبر في شدة ، لا يغلبه الغضب ، ولا تجمح به الحمية ولا تغلبه شهوة ، ولا تفضحه بطنة ، ولا يستخفه حرصه ، ولا تقصر به نيته فينصر ، المظلوم ، ويرحم الضعيف ، ولا يبخل ولا يبذر ولا يسرف ، ولا يقتر ، يغفر إذا ظلم ، ويعفو عن الجاهل نفسه منه في عناء والناس منه في رخاء . 
وقيل لعبد الله بن المبارك أجمل لنا حسن الخلق في كلمة . 
فقال اترك : الغضب . 
وقال نبي من الأنبياء لمن تبعه : من يتكفل لي أن لا يغضب فيكون ، معي في درجتي ، ويكون بعدي خليفتي ? فقال شاب من القوم : أنا ، ثم أعاد عليه ، فقال الشاب : أنا أوفي به ، فلما مات كان في منزلته بعده ، وهو ذو الكفل  سمي به ; لأنه تكفل بالغضب ، ووفى به . 
وقال  وهب بن منبه  للكفر أربعة أركان : الغضب ، والشهوة ، والخرق ، والطمع . 
     	
		
				
						
						
