وبالحقيقة ، فالسفينة في ملتطم الأمواج عند اضطراب الرياح في لجة البحر أحسن حالا ، وأرجى سلامة من النفس المضطربة غيظا إذ في السفينة من يحتال لتسكينها وتدبيرها وينظر لها ويسوسها وأما القلب ، فهو صاحب السفينة ، وقد سقطت حيلته إذا أعماه الغضب ، وأصمه ، وشدة الرعدة في الأطراف وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام واضطراب الحركة والكلام حتى يظهر الزبد على الأشداق وتحمر الأحداق وتنقلب المناخر ، وتستحيل الخلقة ولو رأى الغضبان في حالة غضبه قبح صورته لسكن غضبه حياء من قبح صورته ، واستحالة خلقته ، وقبح باطنه أعظم من قبح ظاهره ، فإن الظاهر عنوان الباطن ، وإنما قبحت صورة الباطن أولا ، ثم انتشر قبحها إلى الظاهر ثانيا ، فتغير الظاهر ثمرة تغير الباطن ، فقس الثمر بالمثمرة ، فهذا أثره في الجسد وأما ، أثره في اللسان ، فانطلاقه بالشتم والفحش من الكلام الذي يستحي منه ذو العقل ويستحي منه قائله عند فتور الغضب وذلك مع تخبط النظم ، واضطراب اللفظ. . ومن آثار هذا الغضب في الظاهر تغير اللون