ثم الحسد فكل من يحب إساءة مسلم فهو حاسد فإذا ، كونه آثما بمجرد حسد القلب من غير فعل هو في محل الاجتهاد ، والأظهر ما ذكرناه من حيث ظواهر الآيات ، والأخبار ، ومن حيث المعنى ; إذ يبعد أن يعفى عن العبد في إرادته إساءة مسلم واشتماله بالقلب على ذلك من غير كراهة وقد عرفت من هذا أن لك في أعدائك ثلاثة أحوال . عبارة عن صفة القلب لا عن الأفعال
أحدها ; : أن تحب مساءتهم بطبعك وتكره حبك لذلك وميل قلبك إليه بعقلك وتمقت نفسك عليه ، وتود لو كانت لك حيلة في إزالة ذلك الميل منك ، وهذا معفو عنه قطعا لأنه لا يدخل تحت الاختيار أكثر منه .
الثاني : أن تحب ذلك ، وتظهر الفرح بمساءته إما بلسانك أو بجوارحك فهذا هو الحسد المحظور قطعا .
الثالث وهو بين الطرفين : أن تحسد بالقلب من غير مقت لنفسك على حسدك ، ومن غير إنكار منك على قلبك ولكن تحفظ جوارحك عن طاعة الحسد في مقتضاه وهذا في محل الخلاف والظاهر أنه لا يخلو عن إثم بقدر قوة ذلك الحب وضعفه والله تعالى أعلم والحمد لله رب العالمين وحسبنا الله ونعم الوكيل .