ومن ينفق الساعات في جمع ماله مخافة فقر فالذي فعل الفقر
وقد دخل ابنا خالد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما : لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشر ، ثم يرزقه الله تعالى .ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن مسعود وهو حزين ، فقال له : لا تكثر همك ما قدر يكن ، وما ترزق يأتك .
وقال صلى الله عليه وسلم : ألا أيها الناس ، أجملوا في الطلب ، فإنه ليس لعبد إلا ما كتب له ، ولن يذهب عبد من الدنيا حتى يأتيه ما كتب له من الدنيا ، وهي راغمة ولا ينفك الإنسان عن الحرص إلا بحسن ثقته بتدبير الله تعالى في تقدير أرزاق العباد، وإن ذلك يحصل لا محالة مع الإجمال في الطلب، بل ينبغي أن يعلم أن رزق الله للعبد من حيث لا يحتسب أكثر قال الله تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب فإذا انسد عليه باب كان ينتظر الرزق منه، فلا ينبغي أن يضطرب قلبه لأجله، وقال صلى الله عليه وسلم: : أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب وقال سفيان: اتق الله، فما رأيت تقيا محتاجا أي: لا يترك التقي فاقدا لضرورته، بل يلقي الله في قلوب المسلمين أن يوصلوا إليه رزقه. .
وقال الفضل الضبي: قلت لأعرابي: من أين معاشك؟ قال: نذر الحاج. قلت: فإذا صدروا فبكى، وقال: لو لم نعش إلا من حيث ندري لم نعش، وقال أبو حازم قد وجدت الدنيا شيئين: شيئا مهما هو لي، فلن أعجله قبل أجله، ولو طلبت بقوة السموات والأرض، وشيئا منهما هو لغيري، فذلك لم أنله فيما مضى، ولا نرجوه فيما بقي، يمنع الذي لغيري مني كما يمنع الذي لي من غيري، ففي أي هذين أفني عمري فهذا دواء من جهة المعرفة لا بد منه لدفع تخويف الشيطان، وإنذاره بالفقر .