ومن أحب الجاه والمنزلة فهو كمن أحب المال ، بل هو شر منه ؛ فإن أعظم ولا يمكنه أن لا يحب المنزلة في قلوب الناس ما دام يطمع في الناس فإذا أحرز قوته من كسبه ، أو من جهة أخرى ، وقطع طمعه عن الناس رأسا ، أصبح الناس كلهم عنده كالأرذال فلا يبالي أكان له منزلة في قلوبهم أم لم يكن ، كما لا يبالي بما في قلوب الذين هم منه في أقصى المشرق لأنه لا يراهم ، ولا يطمع فيهم ، ولا يقطع الطمع عن الناس إلا بالقناعة ، فمن قنع استغنى عن الناس وإذا استغنى ، لم يشتغل قلبه بالناس ، ولم يكن لقيام منزلته في القلوب عنده وزن ولا يتم ترك الجاه إلا بالقناعة وقطع الطمع . فتنة الجاه
ويستعين على جميع ذلك بالأخبار الواردة في ذم الجاه ومدح ، الخمول والذل ، مثل قولهم : المؤمن لا يخلو من ذلة أو قلة أو علة .
وينظر في أحوال السلف وإيثارهم للذل على العز ، ورغبتهم في ثواب الآخرة رضي الله عنهم أجمعين .