nindex.php?page=treesubj&link=28650فالعاصي بالضرورة ناقص الإيمان ، وليس الإيمان بابا واحدا ، بل هو نيف وسبعون بابا ، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ومثاله قول القائل : ليس الإنسان موجودا واحدا ، بل هو نيف وسبعون موجودا أعلاها القلب والروح ، وأدناها إماطة الأذى عن البشرة بأن يكون مقصوص الشارب مقلوم الأظافر نقي البشرة عن الخبث حتى يتميز عن البهائم المرسلة الملوثة بأرواثها المستكرهة الصور بطول مخالبها وأظلافها وهذا مثال مطابق فالإيمان كالإنسان وفقد شهادة التوحيد يوجد البطلان بالكلية ، كفقد الروح والذي ليس له إلا شهادة التوحيد والرسالة هو كإنسان مقطوع الأطراف مفقوع العينين فاقد لجميع أعضائه الباطنة والظاهرة ، لا أصل الروح وكما أن من هذا حاله قريب من أن يموت فتزايله الروح الضعيفة المنفردة التي تخلف عنها الأعضاء التي تمدها وتقويها فكذلك من ليس له إلا أصل الإيمان ، وهو مقصر في الأعمال قريب من أن تقتلع شجرة إيمانه إذا صدمتها الرياح العاصفة المحركة للإيمان في مقدمة قدوم ملك الموت ووروده ، فكل إيمان لم يثبت في اليقين أصله ، ولم تنتشر في الأعمال فروعه لم يثبت على عواصف الأهوال عند ظهور ناصية ملك الموت ، وخيف عليه سوء الخاتمة لا ما يسقى بالطاعات على توالي الأيام والساعات حتى رسخ وثبت وقول العاصي للمطيع : إني مؤمن كما أنك مؤمن كقول شجرة القرع لشجرة الصنوبر أنا شجرة ، وأنت شجرة وما أحسن جواب شجرة الصنوبر إذ قالت : ستعرفين اغترارك بشمول الاسم إذا عصفت رياح الخريف فعند ذلك تنقطع أصولك ، وتتناثر أوراقك ، وينكشف غرورك بالمشاركة في اسم الشجرة مع الغفلة عن أسباب ثبوت الأشجار .
سوف
ترى إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار
وهذا أمر يظهر عند الخاتمة ، وإنما انقطع نياط العارفين خوفا من دواعي الموت ومقدماته الهائلة التي لا يثبت عليها إلا الأقلون فالعاصي إذا كان لا يخاف الخلود في النار بسبب معصيته كالصحيح المنهمك في الشهوات المضرة إذا كان لا يخاف الموت بسبب صحته وأن الموت غالبا لا يقع فجأة فيقال له : الصحيح يخاف المرض ، ثم إذا مرض خاف الموت وكذلك ، العاصي يخاف سوء الخاتمة ، ثم إذا ختم له بالسوء والعياذ بالله وجب الخلود في النار فالعاصي للإيمان كالمأكولات المضرة للأبدان فلا تزال تجتمع في الباطن حتى تغير مزاج الأخلاط وهو لا يشعر بها إلى أن يفسد المزاج فيمرض دفعة ثم يموت دفعة ، فكذلك المعاصي فإذا كان الخائف من الهلاك في هذه الدنيا المنقضية يجب عليه ترك السموم وما يضره من المأكولات في كل حال ، وعلى الفور فالخائف من هلاك الأبد أولى بأن يجب عليه ذلك وإذا كان متناول السم إذا ندم يجب عليه أن يتقيأ ويرجع عن تناوله بإبطاله وإخراجه عن المعدة على سبيل الفور والمبادرة ; تلافيا لبدنه المشرف على هلاك لا يفوت عليه إلا هذه الدنيا الفانية ، فمتناول سموم الدين وهي الذنوب أولى بأن يجب عليه الرجوع عنها بالتدارك الممكن ما دام يبقى للتدارك مهلة وهو ، العمر فإن المخوف من هذا السم فوات الآخرة الباقية التي فيها النعيم المقيم والملك العظيم وفي فواتها نار الجحيم والعذاب المقيم الذي تتصرم أضعاف أعمار الدنيا دون عشر عشير مدته إذ ليس لمدته آخر البتة ، فالبدار البدار إلى التوبة قبل أن تعمل سموم الذنوب بروح الإيمان عملا يجاوز الأمر فيه الأطباء واختيارهم ولا ينفع بعده الاحتماء فلا ينجح بعد ذلك نصح الناصحين ، ووعظ الواعظين وتحق الكلمة عليه بأنه من الهالكين ويدخل تحت عموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=10وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ولا يغرنك لفظ الإيمان فنقول المراد بالآية الكافر إذ بين لك أن الإيمان بضع وسبعون بابا وأن الزاني لا يزني حين يزني وهو مؤمن فالمحجوب عن الإيمان الذي هو شعب وفروع سيحجب في الخاتمة عن الإيمان الذي هو أصل كما أن الشخص الفاقد لجميع الأطراف التي هي حروف وفروع ، سيساق إلى الموت المعدم للروح التي هي أصل فلا بقاء للأصل دون الفرع .
ولا وجود للفرع دون الأصل ، ولا فرق بين الأصل والفرع إلا في شيء واحد ، وهو أن وجود الفرع وبقاءه جميعا يستدعي وجود الأصل وأما وجود الأصل فلا يستدعي وجود الفرع فبقاء الأصل بالفرع ووجود الفرع بالأصل فعلوم المكاشفة وعلوم المعاملة متلازمة كتلازم الفرع والأصل فلا يستغني أحدهما عن الآخر ، وإن كان أحدهما في رتبة الأصل ، والآخر في رتبة التابع وعلوم المعاملة إذا لم تكن باعثة على العمل فعدمها خير من وجودها ، فإن هي لم تعمل عملها الذي تراد له قامت مؤيدة للحجة على صاحبها ولذلك يزاد في عذاب العالم الفاجر على عذاب الجاهل الفاجر كما أوردنا من الأخبار في كتاب العلم .
nindex.php?page=treesubj&link=28650فَالْعَاصِي بِالضَّرُورَةِ نَاقِصُ الْإِيمَانِ ، وَلَيْسَ الْإِيمَانُ بَابًا وَاحِدًا ، بَلْ هُوَ نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ بَابًا ، أَعْلَاهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَمِثَالُهُ قَوْلُ الْقَائِلِ : لَيْسَ الْإِنْسَانُ مَوْجُودًا وَاحِدًا ، بَلْ هُوَ نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ مَوْجُودًا أَعْلَاهَا الْقَلْبُ وَالرُّوحُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الْبَشَرَةِ بِأَنْ يَكُونَ مَقْصُوصَ الشَّارِبِ مَقْلُومَ الْأَظَافِرِ نَقِيَّ الْبَشَرَةِ عَنِ الْخَبَثِ حَتَّى يَتَمَيَّزَ عَنِ الْبَهَائِمِ الْمُرْسَلَةِ الْمُلَوَّثَةِ بِأَرْوَاثِهَا الْمُسْتَكْرَهَةِ الصُّوَر بِطُولِ مَخَالِبِهَا وَأَظْلَافِهَا وَهَذَا مِثَالٌ مُطَابِقٌ فَالْإِيمَانُ كَالْإِنْسَانِ وَفَقْدُ شَهَادَةِ التَّوْحِيدِ يُوجَدُ الْبَطَلَانِ بِالْكُلِّيَّةِ ، كَفَقْدِ الرُّوحِ وَالَّذِي لَيْسَ لَهُ إِلَّا شَهَادَةُ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ هُوَ كَإِنْسَانٍ مَقْطُوعِ الْأَطْرَافِ مَفْقُوعِ الْعَيْنَيْنِ فَاقِدٍ لِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ ، لَا أَصْلِ الرُّوحِ وَكَمَا أَنَّ مَنْ هَذَا حَالُهُ قَرِيبٌ مِنْ أَنْ يَمُوتَ فَتُزَايِلُهُ الرُّوحُ الضَّعِيفَةُ الْمُنْفَرِدَةُ الَّتِي تَخَلَّفَ عَنْهَا الْأَعْضَاءُ الَّتِي تَمُدُّهَا وَتُقَوِّيهَا فَكَذَلِكَ مَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا أَصْلُ الْإِيمَانِ ، وَهُوَ مُقَصِّرٌ فِي الْأَعْمَالِ قَرِيبٌ مِنْ أَنْ تَقْتَلِعُ شَجَرَةُ إِيمَانِهِ إِذَا صَدَمَتْهَا الرِّيَاحُ الْعَاصِفَةُ الْمُحَرِّكَةُ لِلْإِيمَانِ فِي مُقَدِّمَةِ قُدُومِ مَلَكِ الْمَوْتِ وَوُرُودِهِ ، فَكُلُّ إِيمَانٍ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْيَقِينِ أَصْلُهُ ، وَلَمْ تَنْتَشِرْ فِي الْأَعْمَالِ فُرُوعُهُ لَمْ يَثْبُتْ عَلَى عَوَاصِفِ الْأَهْوَالِ عِنْدَ ظُهُورِ نَاصِيَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ ، وَخِيفَ عَلَيْهِ سُوءُ الْخَاتِمَةِ لَا مَا يُسْقَى بِالطَّاعَاتِ عَلَى تَوَالِي الْأَيَّامِ وَالسَّاعَاتِ حَتَّى رَسَخَ وَثَبَتَ وَقَوْلُ الْعَاصِي لِلْمُطِيعِ : إِنِّي مُؤْمِنٌ كَمَا أَنَّكَ مُؤْمِنٌ كَقَوْلِ شَجَرَةِ الْقَرْعِ لِشَجَرَةِ الصَّنَوْبَرِ أَنَا شَجَرَةٌ ، وَأَنْتِ شَجَرَةٌ وَمَا أَحْسَنَ جَوَابَ شَجَرَةِ الصَّنَوْبَرِ إِذْ قَالَتْ : سَتَعْرِفِينَ اغْتِرَارَكِ بِشُمُولِ الِاسْمِ إِذَا عَصَفَتْ رِيَاحُ الْخَرِيفِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَنْقَطِعُ أُصُولُكِ ، وَتَتَنَاثَرُ أَوْرَاقُكِ ، وَيَنْكَشِفُ غُرُورُكِ بِالْمُشَارَكَةِ فِي اسْمِ الشَّجَرَةِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ أَسْبَابِ ثُبُوتِ الْأَشْجَارِ .
سَوْفَ
تَرَى إِذَا انْجَلَى الْغُبَارُ أَفَرَسٌ تَحْتَكَ أَمْ حِمَارٌ
وَهَذَا أَمْرٌ يَظْهَرُ عِنْدَ الْخَاتِمَةِ ، وَإِنَّمَا انْقَطَعَ نِيَاطُ الْعَارِفِينَ خَوْفًا مِنْ دَوَاعِي الْمَوْتِ وَمُقَدَّمَاتِهِ الْهَائِلَةِ الَّتِي لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا إِلَّا الْأَقَلُّونَ فَالْعَاصِي إِذَا كَانَ لَا يَخَافُ الْخُلُودَ فِي النَّارِ بِسَبَبِ مَعْصِيَتِهِ كَالصَّحِيحِ الْمُنْهَمِكِ فِي الشَّهَوَاتِ الْمُضِرَّةِ إِذَا كَانَ لَا يَخَافُ الْمَوْتَ بِسَبَبِ صِحَّتِهِ وَأَنَّ الْمَوْتَ غَالِبًا لَا يَقَعُ فَجْأَةً فَيُقَالُ لَهُ : الصَّحِيحُ يَخَافُ الْمَرَضَ ، ثُمَّ إِذَا مَرِضَ خَافَ الْمَوْتَ وَكَذَلِكَ ، الْعَاصِي يَخَافُ سُوءَ الْخَاتِمَةِ ، ثُمَّ إِذَا خُتِمَ لَهُ بِالسُّوءِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ وَجَبَ الْخُلُودُ فِي النَّارِ فَالْعَاصِي لِلْإِيمَانِ كَالْمَأْكُولَاتِ الْمُضِرَّةِ لِلْأَبْدَانِ فَلَا تَزَالُ تَجْتَمِعُ فِي الْبَاطِنِ حَتَّى تُغَيِّرَ مِزَاجَ الْأَخْلَاطِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهَا إِلَى أَنْ يَفْسَدَ الْمِزَاجُ فَيَمْرَضُ دُفْعَةً ثُمَّ يَمُوتُ دُفْعَةً ، فَكَذَلِكَ الْمَعَاصِي فَإِذَا كَانَ الْخَائِفُ مِنَ الْهَلَاكِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الْمُنْقَضِيَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ السُّمُومِ وَمَا يَضُرُّهُ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ فِي كُلِّ حَالٍ ، وَعَلَى الْفَوْرِ فَالْخَائِفُ مِنْ هَلَاكِ الْأَبَدِ أَوْلَى بِأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ مُتَنَاوِلُ السُّمِّ إِذَا نَدِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَيَّأُ وَيَرْجِعَ عَنْ تَنَاوُلِهِ بِإِبْطَالِهِ وَإِخْرَاجِهِ عَنِ الْمَعِدَةِ عَلَى سَبِيلِ الْفَوْرِ وَالْمُبَادَرَةِ ; تَلَافِيًا لِبَدَنِهِ الْمُشْرِفِ عَلَى هَلَاكٍ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ إِلَّا هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةُ ، فَمُتَنَاوِلُ سُمُومِ الدِّينِ وَهِيَ الذُّنُوبُ أَوْلَى بِأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَنْهَا بِالتَّدَارُكِ الْمُمْكِنِ مَا دَامَ يَبْقَى لِلتَّدَارُكِ مُهْلَةً وَهُوَ ، الْعُمْرُ فَإِنَّ الْمُخَوِّفَ مِنْ هَذَا السُّمِّ فَوَاتُ الْآخِرَةِ الْبَاقِيَةِ الَّتِي فِيهَا النَّعِيمُ الْمُقِيمُ وَالْمُلْكُ الْعَظِيمُ وَفِي فَوَاتِهَا نَارُ الْجَحِيمِ وَالْعَذَابُ الْمُقِيمُ الَّذِي تَتَصَرَّمُ أَضْعَافُ أَعْمَارِ الدُّنْيَا دُونَ عُشْرِ عُشَيْرِ مُدَّتِهِ إِذْ لَيْسَ لِمُدَّتِهِ آخِرٌ الْبَتَّةَ ، فَالْبِدَارَ الْبِدَارَ إِلَى التَّوْبَةِ قَبْلَ أَنْ تَعْمَلَ سُمُومُ الذُّنُوبِ بِرُوحِ الْإِيمَانِ عَمَلًا يُجَاوِزُ الْأَمْرُ فِيهِ الْأَطِبَّاءِ وَاخْتِيَارَهُمْ وَلَا يَنْفَعُ بَعْدَهُ الِاحْتِمَاءُ فَلَا يَنْجَحُ بَعْدَ ذَلِكَ نُصْحُ النَّاصِحِينَ ، وَوَعْظُ الْوَاعِظِينَ وَتَحِقُّ الْكَلِمَةُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنَ الْهَالِكِينَ وَيَدْخُلُ تَحْتَ عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=8إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=9وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=10وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وَلَا يَغُرَّنَّكَ لَفْظُ الْإِيمَانِ فَنَقُولُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ الْكَافِرُ إِذْ بُيِّنَ لَكَ أَنَّ الْإِيمَانَ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا وَأَنَّ الزَّانِيَ لَا يَزْنِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَالْمَحْجُوبُ عَنِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ شُعَبٌ وَفُرُوعٌ سَيُحْجَبُ فِي الْخَاتِمَةِ عَنِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ كَمَا أَنَّ الشَّخْصَ الْفَاقِدَ لِجَمِيعِ الْأَطْرَافِ الَّتِي هِيَ حُرُوفٌ وَفُرُوعٌ ، سَيُسَاقُ إِلَى الْمَوْتِ الْمُعْدِمِ لِلرُّوحِ الَّتِي هِيَ أَصْلٌ فَلَا بَقَاءَ لِلْأَصْلِ دُونَ الْفَرْعِ .
وَلَا وُجُودَ لِلْفَرْعِ دُونَ الْأَصْلِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ إِلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ أَنَّ وُجُودَ الْفَرْعِ وَبَقَاءَهُ جَمِيعًا يَسْتَدْعِي وُجُودَ الْأَصْلِ وَأَمَّا وُجُودُ الْأَصْلِ فَلَا يَسْتَدْعِي وُجُودَ الْفَرْعِ فَبَقَاءُ الْأَصْلِ بِالْفَرْعِ وَوُجُودُ الْفَرْعِ بِالْأَصْلِ فَعُلُومُ الْمُكَاشَفَةِ وَعُلُومُ الْمُعَامَلَةِ مُتَلَازِمَةٌ كَتَلَازُمِ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ فَلَا يَسْتَغْنِي أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي رُتْبَةِ الْأَصْلِ ، وَالْآخَرُ فِي رُتْبَةِ التَّابِعِ وَعُلُومُ الْمُعَامَلَةِ إِذَا لَمْ تَكُنْ بَاعِثَةً عَلَى الْعَمَلِ فَعَدَمُهَا خَيْرٌ مِنْ وُجُودِهَا ، فَإِنْ هِيَ لَمْ تَعْمَلْ عَمَلَهَا الَّذِي تُرَادُ لَهُ قَامَتْ مُؤَيِّدَةً لِلْحُجَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا وَلِذَلِكَ يُزَادُ فِي عَذَابِ الْعَالِمِ الْفَاجِرِ عَلَى عَذَابِ الْجَاهِلِ الْفَاجِرِ كَمَا أَوْرَدْنَا مِنَ الْأَخْبَارِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ .