فإن قلت : فما معنى النعم التوفيقية الراجحة إلى الهداية والرشد والتأييد والتسديد ؟ فاعلم أن ، وهو عبارة عن التأليف والتلفيق بين إرادة العبد وبين قضاء الله وقدره وهذا يشمل الخير والشر وما هو سعادة ، وما هو شقاوة ولكن جرت العادة بتخصيص اسم التوفيق بما يوافق السعادة من جملة قضاء الله تعالى وقدره ، كما أن الإلحاد عبارة عن الميل فخصص بمن مال إلى الباطل عن الحق وكذا الارتداد ولا خفاء بالحاجة إلى التوفيق ولذلك قيل : التوفيق لا يستغني عنه أحد
إذا لم يكن عون من الله للفتى فأكثر ما يجني عليه اجتهاده
فأما : لأن داعية الإنسان قد تكون مائلة إلى ما فيه صلاح آخرته . الهداية فلا سبيل لأحد إلى طلب السعادة إلا بهاولكن إذا لم يعلم ما فيه صلاح آخرته حتى يظن الفساد صلاحا فمن أين ينفعه مجرد الإرادة فلا فائدة في الإرادة ، والقدرة والأسباب إلا بعد الهداية ولذلك قال تعالى : ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ، وقال تعالى ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء ، وقال صلى الله عليه وسلم : ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى ، أي : بهدايته ، فقيل : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا .