وأما الأخبار فقد روى أبو موسى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : أمتي أمة مرحومة لا عذاب عليها في الآخرة ، عجل الله عقابها في الدنيا : الزلازل والفتن ، فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من أمتي رجل من أهل الكتاب ، فقيل : هذا فداؤك من النار
وفي لفظ آخر : وقال صلى الله عليه وسلم : يأتي كل رجل من هذه الأمة بيهودي أو نصراني إلى جهنم فيقول : هذا فدائي من النار ، فيلقى فيها وروي في الحمى من فيح جهنم ، وهي حظ المؤمن من النار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه أن الله تعالى أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أني أجعل حساب أمتك إليك ، قال : لا يا رب أنت أرحم بهم مني ، فقال : إذن لا نخزيك فيهم تفسير قوله تعالى :
وروي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه في ذنوب أمته فقال : يا رب اجعل حسابهم إلي لئلا يطلع على مساويهم غيري ، فأوحى الله تعالى إليه : هم أمتك ، وهم عبادي ، وأنا أرحم بهم منك ، ولا أجعل حسابهم إلى غيري لئلا تنظر إلى مساويهم أنت ولا غيرك
وقال صلى الله عليه وسلم : حياتي : خير لكم ، وموتي خير لكم أما حياتي فأسن لكم السنن ، وأشرع لكم الشرائع ، وأما موتي فإن أعمالكم تعرض علي فما رأيت منها حسنا حمدت الله عليه ، وما رأيت منها سيئا استغفرت الله تعالى لكم وقال صلى الله عليه وسلم يوما : يا كريم العفو ، فقال جبريل عليه السلام : أتدري ما تفسير يا كريم العفو ؟ هو إن عفا عن السيئات برحمته ، بدلها حسنات بكرمه ، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول : اللهم إني أسألك تمام النعمة ، فقال : هل تدري ما تمام النعمة ؟ قال : لا ، قال : دخول الجنة
قال العلماء : قد أتم الله علينا نعمته برضاه الإسلام لنا ؛ إذ قال تعالى وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا وفي الخبر : وفي الخبر : إذا أذنب العبد ذنبا فاستغفر الله يقول الله عز وجل لملائكته : انظروا إلى عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنوب ، ويأخذ بالذنب ، أشهدكم أني قد غفرت له لو أذنب العبد حتى تبلغ ذنوبه عنان السماء غفرتها له ما استغفرني ورجاني وفي الخبر : وفي الحديث : لو لقيني عبدي بقراب الأرض ذنوبا لقيته بقراب الأرض مغفرة أن الملك ليرفع القلم عن العبد إذا أذنب ست ساعات ، فإن تاب واستغفر لم يكتبه عليه ، وإلا كتبها سيئة . وفي لفظ آخر : فإذا كتبها عليه وعمل حسنة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال ، وهو أمير عليه : ألق هذه السيئة ، حتى ألقى من حسناته واحدة تضعيف ، العشر وأرفع له تسع حسنات ، فتلقى عنه السيئة وروى في حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : إذا أذنب العبد ذنبا كتب عليه ، فقال أعرابي وإن تاب عنه قال محي عنه قال فإن عاد قال النبي صلى الله عليه وسلم : يكتب عليه ، قال الأعرابي : فإن تاب ؟ قال محي من صحيفته ، قال إلى متى قال إلى أن يستغفر ويتوب إلى الله عز وجل ، إن الله لا يمل من المغفرة حتى يمل العبد من الاستغفار ، فإذا هم العبد بحسنة كتبها صاحب اليمين قبل أن يعملها ، فإن عملها كتبت عشر حسنات ثم يضاعفها الله سبحانه وتعالى إلى سبعمائة ضعف ، وإذا هم بخطيئة لم تكتب عليه ، فإذا عملها كتبت خطيئة واحدة ووراءها حسن عفو الله عز وجل أنس
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني لا أصوم إلا الشهر : لا أزيد عليه ، ولا أصلي إلا الخمس لا أزيد عليها ، وليس لله في مالي صدقة ولا حج ، ولا ، تطوع أين أنا إذا مت ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم : وقال نعم معي ، إذا حفظت قلبك من اثنتين : الغل والحسد ، ولسانك من اثنتين : الغيبة والكذب ، وعينيك من اثنتين : النظر إلى ما حرم الله وأن تزدري بهما مسلما ، دخلت معي الجنة على راحتي هاتين وفي الحديث الطويل لأنس أن الأعرابي قال يا رسول الله من يلي حساب الخلق فقال الله تبارك وتعالى ، قال : هو بنفسه ؟ قال : نعم ، فتبسم الأعرابي ، فقال صلى الله عليه وسلم : مم ضحكت يا أعرابي ؟ فقال إن الكريم إذا قدر عفا وإذا حاسب سامح ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق ، الأعرابي ، ألا لا كريم أكرم من الله تعالى ، هو أكرم الأكرمين ثم قال : فقه الأعرابي وفيه أيضا : ولو أن عبدا هدمها حجرا حجرا ، ثم أحرقها ، ما بلغ جرم من استخف بولي من أولياء الله تعالى ، قال الأعرابي : إن الله تعالى شرف الكعبة وعظمها ، قال : المؤمنون كلهم أولياء الله تعالى ، أما سمعت قول الله : عز وجل ومن أولياء الله تعالى ؟ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور وفي بعض الأخبار : المؤمن أفضل من الكعبة
والمؤمن طيب طاهر وفي الخبر : والمؤمن أكرم على الله تعالى من الملائكة خلق الله تعالى جهنم ، من فضل رحمته ، سوطا يسوق به عباده إلى الجنة
وفي خبر آخر يقول الله عز وجل : إنما خلقت الخلق ليربحوا علي ، ولم أخلقهم لأربح عليهم وفي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي سعيد الخدري وفي الخبر المشهور : ما خلق الله تعالى شيئا إلا جعل له ما يغلبه ، وجعل رحمته تغلب غضبه . إن الله تعالى كتب على نفسه الرحمة قبل أن يخلق الخلق إن رحمتي تغلب غضبي