وإلى تعريف الإشارة بقوله : عز وجل: نفاسة الآخرة وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير فنبه على أن العلم بنفاسة الجوهر هو المرغب عن عوضه ، ولما لم يتصور الزهد إلا بمعاوضة ورغبة عن المحبوب في أحب منه قال رجل في دعائه : اللهم أرني الدنيا كما تراها ، فقال له النبي : صلى الله عليه وسلم : لا تقل هكذا ولكن قل : أرني الدنيا كما أريتها الصالحين من عبادك وهذا لأن الله تعالى يراها حقيرة كما هي وكل مخلوق فهو بالإضافة إلى جلاله حقير ، والعبد يراها حقيرة في نفسه بالإضافة إلى ما هو خير له ، ولا يتصور أن يرى بائع الفرس وإن رغب عنه فرسه كما يرى حشرات الأرض مثلا لأنه مستغن عن الحشرات أصلا ، وليس مستغنيا عن الفرس ، والله تعالى غني بذاته عن كل ما سواه ، فيرى الكل في درجة واحدة بالإضافة إلى جلاله ، ويراه متفاوتا بالإضافة إلى غيره .