ولما اشتملت سورة الإخلاص على أحد هذه الأقسام الثلاثة ، وهو التقديس وازنها رسول الله : صلى الله عليه وسلم : بثلث القرآن ، فقال : من قرأ سورة الإخلاص فقد قرأ ثلث القرآن لأن منتهى التقديس في أن يكون واحدا في ثلاثة أمور لا يكون حاصلا منه من هو نظيره وشبهه ، ودل عليه ، قوله لم يلد ولا يكون هو حاصلا ممن هو نظيره وشبهه ، ودل عليه قوله ولم يولد ولا يكون في درجته وإن لم يكن أصلا له ولا فرعا من هو مثله ، ودل عليه قوله : ولم يكن له كفوا أحد ويجمع جميع ذلك قوله تعالى : قل هو الله أحد وجملته فهذه أسرار القرآن ولا تتناهى أمثال هذه الأسرار في القرآن ، تفصيل قول لا إله إلا الله ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ؛ ولذلك قال رضي الله عنه : نوروا القرآن ، والتمسوا غرائبه ، ففيه علم الأولين والآخرين وهو كما قال ، ولا يعرفه إلا من طال في آحاد كلماته فكره ، وصفا له فهمه ، حتى تشهد كل كلمة منه بأنه كلام جبار قاهر مليك قادر ، وأنه خارج عن حد استطاعة البشر ، وأكثر أسرار القرآن معبأة في طي القصص والأخبار فكن حريصا على استنباطها لينكشف لك فيه من العجائب ما تستحقر معه العلوم المزخرفة الخارجة عنه ، فهذا ما أردنا ذكره من معنى الأنس والانبساط الذي هو ثمرته وبيان تفاوت عباد الله فيه ، والله سبحانه وتعالى أعلم . . ابن مسعود