بيان أن . الدعاء غير مناقض للرضا
ولا يخرج صاحبه عن مقام الرضا ، وكذلك كراهة المعاصي ومقت أهلها ، ومقت أسبابها ، والسعي في إزالتها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يناقضه أيضا .
وقد غلط في ذلك بعض البطالين المغترين وزعم أن المعاصي والفجور والكفر من قضاء الله وقدره عز وجل فيجب الرضا به وهذا جهل بالتأويل وغفلة عن أسرار الشرع فأما الدعاء فقد تعبدنا به ، وكثرة دعوات رسول الله : صلى الله عليه وسلم : وسائر الأنبياء عليهم السلام على ما نقلناه في كتاب الدعوات تدل عليه ، ولقد كان رسول الله : صلى الله عليه وسلم : في أعلى المقامات من الرضا .
وقد ، أثنى الله تعالى على بعض عباده بقوله : ويدعوننا رغبا ورهبا وأما إنكار المعاصي وكراهتها وعدم الرضا بها ، فقد تعبد الله به عباده وذمهم على الرضا به فقال : ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها وقال تعالى : رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم وفي الخبر المشهور : من شهد منكرا فرضي به فكأنه قد فعله وفي الحديث : . وعن الدال على الشر كفاعله إن العبد ليغيب عن المنكر ويكون عليه مثل وزر صاحبه وقيل . : وكيف ذلك ؟ قال : يبلغه فيرضى به وفي الخبر : ابن مسعود لو أن عبدا قتل بالمشرق ورضي بقتله آخر بالمغرب كان شريكا في قتله وقد أمر الله تعالى بالحسد والمنافسة في الخيرات ، وتوقي الشرور ، فقال تعالى : وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وقال النبي : صلى الله عليه وسلم : . وفي لفظ آخر ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار فيقول الرجل : لو آتاني الله مثل ما آتى هذا لفعلت مثل ما يفعل . لا حسد إلا في اثنتين ؛ رجل آتاه الله حكمة فهو يبثها في الناس ويعلمها ، ورجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق
وأما بغض الكفار والفجار والإنكار عليهم ومقتهم ، فما ورد فيه من شواهد القرآن والأخبار لا يحصى ، مثل قوله تعالى : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء وقال تعالى وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا وفي الخبر : إن الله تعالى أخذ الميثاق على كل مؤمن أن يبغض كل منافق ، وعلى كل منافق أن يبغض كل مؤمن وقال عليه السلام : وقال المرء مع من أحب من أحب قوما ووالاهم حشر معهم يوم القيامة وقال عليه السلام : . وشواهد هذا قد ذكرناها في بيان الحب والبغض في الله تعالى من كتاب آداب الصحبة ، وفي كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا نعيده . أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله