الصدق الثاني : في النية والإرادة ، ويرجع ذلك إلى الإخلاص ، وهو أن لا يكون له باعث في الحركات والسكنات إلا الله تعالى ، فإن مازجه شوب من حظوظ النفس بطل وصاحبه يجوز أن يسمى كاذبا كما روينا في فضيلة الإخلاص من حديث الثلاثة حين يسئل العالم ما عملت فيما علمت ؟ فقال : فعلت كذا وكذا ، فقال الله تعالى : كذبت ، بل أردت أن يقال : فلان عالم فإنه لم يكذبه ، ولم يقل له : لم تعمل ، ولكنه كذبه في إرادته ونيته . صدق النية ،
وقد قال بعضهم : الصدق صحة التوحيد في القصد .
وكذلك قول الله تعالى : والله يشهد إن المنافقين لكاذبون وقد قالوا : إنك لرسول الله وهذا صدق ولكن كذبهم لا من حيث نطق اللسان بل من حيث ضمير القلب وكان التكذيب يتطرق إلى الخبر .
وهذا القول يتضمن إخبارا بقرينة الحال ؛ إذ صاحبه يظهر من نفسه أن يعتقد ما يقول ، فكذب في دلالته بقرينة الحال على ما في قلبه فإنه ، كذب في ذلك ولم يكذب فيما يلفظ به ، فيرجع أحد معاني الصدق إلى خلوص النية وهو الإخلاص ، فكل صادق فلا بد وأن يكون مخلصا .