المرابطة الثانية المراقبة .
إذا أوصى الإنسان نفسه وشرط عليها ما ذكرناه فلا يبقى إلا المراقبة لها عند الخوض في الأعمال وملاحظاتها .
، بالعين الكالئة فإنها إن تركت طغت وفسدت .
ولنذكر فضيلة المراقبة ثم درجاتها .
أما الفضيلة : فقد سأل جبريل عليه السلام عن الإحسان فقال أن تعبد الله كأنك تراه وقد قال تعالى : وقال عليه السلام : " اعبد الله كأنك تراه ؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك " أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وقال تعالى : ألم يعلم بأن الله يرى وقال الله تعالى : إن الله كان عليكم رقيبا وقال تعالى والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم بشهاداتهم قائمون وقال ابن المبارك لرجل راقب الله تعالى فسأله عن تفسيره فقال عز وجل . كن أبدا كأنك ترى الله
وقال إذا كان سيدي رقيبا علي فلا أبالي بغيره . عبد الواحد بن زيد
وقال أبو عثمان المغربي أفضل ما يلزم الإنسان نفسه في هذه الطريقة المحاسبة والمراقبة وسياسة عمله بالعلم وقال ابن عطاء أفضل الطاعات مراقبة الحق على دوام الأوقات وقال الجريري أمرنا هذا مبني على أصلين أن تلزم نفسك المراقبة لله عز وجل ويكون العلم على ظاهرك قائما وقال أبو عثمان قال لي أبو حفص إذا جلست للناس فكن واعظا لنفسك وقلبك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله رقيب على باطنك .
وحكى أنه كان لبعض المشايخ من هذه الطائفة تلميذ شاب وكان يكرمه ويقدمه فقال له بعض أصحابه كيف تكرم هذا وهو شاب ونحن شيوخ فدعا بعدة طيور وناول كل واحد منهم طائرا وسكينا وقال ليذبح كل واحد منكم طائره في موضع لا يراه أحد ودفع إلى الشاب مثل ذلك وقال له كما قال لهم فرجع كل واحد بطائره مذبوحا ورجع الشاب والطائر حي في يده فقال ما لك لم تذبح كما ذبح أصحابك فقال لم أجد موضعا لا يراني فيه أحد إذ الله مطلع علي في كل مكان فاستحسنوا منه هذه المراقبة وقالوا حق لك أن تكرم .
وحكي أن زليخا لما همت بيوسف عليه السلام قامت فغطت وجه صنم كان لها فقال يوسف مالك أتستحيين من مراقبة جماد ولا أستحيي من مراقبة الملك الجبار وحكي عن بعض الأحداث أنه راود جارية عن نفسها فقالت له ألا تستحيي فقال ممن أستحيي وما يرانا إلا الكواكب قالت فأين مكوكبها .