لَا يَغُرَّنَكَ عَيْشَ سَاكِنٍ قَدْ تُوَافِي بِالْمَنِيَّاتِ السَّحَرُ
فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ سَمِعْتُ الْوَاعِيَةَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ، قَالَ مَحْمُودٌ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَدْنَانَ الْهَيْثَمُ بْنُ الْجَوْنِ، أَخْبَرَنَا nindex.php?page=showalam&ids=15464الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، أَخْبَرَنَا nindex.php?page=showalam&ids=16438ابْنُ شُبْرُمَةَ، قَالَ: احْتُضِرَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ، وَكَانَ لَهُ بُنَيٌّ يُحِبُّهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ:أَلَّا لَيْتَ شِعْرِي، عَنْ بُنَيٍّ بَعْدَمَا يُمَهَّدُ لِي فِي قِبْلَةِ الْقَبْرِ مَضْجَعُ
وَعَنِ وَصْلِ أَقْوَامٍ أَتَى الْمَوْتُ دُونَهُمْ أَيَرْعُونَ ذَاكَ الْأَمْرَ أَمْ سَيُضَيَّعُ
وَمَا يَحْفَظُ الْأَبْنَاءَ إِلَّا مُوَفَّقٌ مِنَ الْقَوْمِ مَرْضِيُّ الْأَمَانَةِ مُقْنِعُ
وَإِنِّي لَأَخْشَى أَنْ أَمُوتَ فَتُنْكَحِي وَيُقْذَفُ فِي أَيْدِي الْمَرَاضِعِ مَعْمَرُ
فَحَالَتْ سُتُورٌ دُونَهُ وَوَلِيدَةٌ وَيَشْغَلُهَا عَنْهُ خُلُوقٌ وَمُجْمَرُ
يَا رَبُّ قَدْ أَسْرَفَتْ نَفْسِي وَقَدْ عَلِمْتُ عِلْمًا يَقِينًا لَقَدْ أَحْصَيْتَ آثَارِي
يَا رَبُّ فَاغْفِرْ ذُنُوبًا قَدْ أَحَطْتَ بِهَا يَوْمَ الْحِسَابِ وَزَحْزِحْنِي عَنِ النَّارِ
كَأَنِّي غَدَاةَ الْبَيْنِ يَا أَمَّ مَالِكٍ أَجُودُ بِنَفْسٍ قَدْ تَدَانَى حِمَامُهَا
أَهْلًا وَسَهْلًا بِقَوْمٍ زَيَّنُوا حَسَبِي وَإِنْ مَرِضْتُ فَهُمْ أَهْلِي وَعُوَّادِي
لَوْ أَنَّ لَيْثًا أَبَا شِبْلَيْنِ أَوْعَدَنِي لَمْ يُسْلِمُونِي لِلَيْثِ الْغَابَةِ الْعَادِي
إِنْ يَجْرِ طَيْرٌ بِأَمْرٍ فِيهِ صَالِحَةٌ أَوْ بِالْفَوَاتِ فَقَدْ أَحْسَنْتُمُ زَادِي
أَلَّا عَلَّلَانِي قَبْلَ نَوْحِ النَّوَائِحِ وَقَبْلَ فِرَاقِ الرُّوحِ بَيْنَ الْجَوَائِحِ
وَقَبْلَ غَدٍ يَا لَهَفَ نَفْسِي عَلَى غَدٍ إِذَا رَاحَ أَصْحَابِي وَلَسْتُ بِرَائِحِ
إِذَا رَاحَ أَصْحَابِي تَفِيضُ دُمُوعُهُمُ وَغُودِرْتُ فِي لَحْدٍ عَلَى صَفَائِحِ
يَقُولُونَ هَلْ أَصْلَحْتُمْ لِأَخِيكُمُ وَمَا اللَّحْدُ فِي الْأَرْضِ الْفَضَاءِ بِصَالِحِ
أَبُنَيَّ إِمَّا أَهْلِكَنَّ فَلَا تَكُنْ دَنِسَ الْفِعَالِ مُبَيَّضَ الْأَثْوَابِ
وَاحْذَرْ مُصَاحِبَةَ اللِّئَامِ فَإِنَّمَا يُرْدِي الْكِرَامَ فُسُولَةُ الْأَصْحَابِ
يَقُولُ الْفَتَى ثَمَّرْتُ مَالِي وَإِنَّمَا لِوَارِثِهِ قَدْ يُثْمِرُ الْمَالَ كَاسِبُهُ
يُحَاسِبُ فِيهِ نَفْسَهُ فِي حَيَاتِهِ وَيَتْرُكُهُ نَهْبًا لِمَنْ لَا يُحَاسِبُهُ
فَكُلْهُ وَأَطْعِمْهُ وَخَالِسْهُ وَارِثًا شَحِيحًا وَدَهْرًا تَعْتَرِيهِ نَوَائِبُهُ
يَخِيبُ الْفَتَى مِنْ حَيْثُ يُرْزَقُ غَيْرُهُ وَيُعْطَى الْمُنَى مِنْ حَيْثُ يُحْرَمُ صَاحِبُهُ
هَا قَدْ مَدَدْتُ يَدِي إِلَيْكَ فَرُدَّهَا بِالْفَضْلِ لَا بِشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ
لا يغرنك عيش ساكن قد توافي بالمنيات السحر
فلما كان السحر سمعت الواعية عليه رجل من بني يربوع، قال محمود: حدثني عبيد الله بن محمد، حدثني أبو عدنان الهيثم بن الجون، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15464الهيثم بن عدي، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة، قال: احتضر رجل من بني يربوع، وكان له بني يحبه فنظر إليه وهو يجود بنفسه فبكى، ثم قال:ألا ليت شعري، عن بني بعدما يمهد لي في قبلة القبر مضجع
وعن وصل أقوام أتى الموت دونهم أيرعون ذاك الأمر أم سيضيع
وما يحفظ الأبناء إلا موفق من القوم مرضي الأمانة مقنع
وإني لأخشى أن أموت فتنكحي ويقذف في أيدي المراضع معمر
فحالت ستور دونه ووليدة ويشغلها عنه خلوق ومجمر
يا رب قد أسرفت نفسي وقد علمت علما يقينا لقد أحصيت آثاري
يا رب فاغفر ذنوبا قد أحطت بها يوم الحساب وزحزحني عن النار
كأني غداة البين يا أم مالك أجود بنفس قد تدانى حمامها
أهلا وسهلا بقوم زينوا حسبي وإن مرضت فهم أهلي وعوادي
لو أن ليثا أبا شبلين أوعدني لم يسلموني لليث الغابة العادي
إن يجر طير بأمر فيه صالحة أو بالفوات فقد أحسنتم زادي
ألا عللاني قبل نوح النوائح وقبل فراق الروح بين الجوائح
وقبل غد يا لهف نفسي على غد إذا راح أصحابي ولست برائح
إذا راح أصحابي تفيض دموعهم وغودرت في لحد على صفائح
يقولون هل أصلحتم لأخيكم وما اللحد في الأرض الفضاء بصالح
أبني إما أهلكن فلا تكن دنس الفعال مبيض الأثواب
واحذر مصاحبة اللئام فإنما يردي الكرام فسولة الأصحاب
يقول الفتى ثمرت مالي وإنما لوارثه قد يثمر المال كاسبه
يحاسب فيه نفسه في حياته ويتركه نهبا لمن لا يحاسبه
فكله وأطعمه وخالسه وارثا شحيحا ودهرا تعتريه نوائبه
يخيب الفتى من حيث يرزق غيره ويعطى المنى من حيث يحرم صاحبه
ها قد مددت يدي إليك فردها بالفضل لا بشماتة الأعداء