الوجه الثالث: أن قد لا ينازعونه فيه، فإن كلام الله وكلام رسوله [ ص: 285 ] يبين بعضه بعضا، وإنما ينازعونه في وجوب هذا الصرف لما يعتقد الإنسان من معقوله، وهذا لم يذكر له حجة. وما يعرف معناه ببديهة العقل والحس أن المتكلم لم يقصده ليس هو من هذا الباب في أحد القولين كما تقدم. وهذا المؤسس قد قرر ضد ذلك. فإنه قرر -كما سيأتي حكايته- وجوب صرف الكتاب والسنة لما سماه أدلة عقلية، وقرر أنه لا يجب صرف ذلك لدليل من الكتاب والسنة، فكان الذي قرره نقيض ما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، وهو مخالف -أيضا- لما عليه أكثر المتكلمين وأكثر التأويل الذي هو صرف الخطاب عن ظاهره الذي يظهر للمخاطبين إلى خلاف ظاهره لدليل شرعي يبين ذلك: الجهمية، فإنهم يوجبون التأويل لمعارضة الدليل الشرعي الواضح أيضا. وسنتكلم -إن شاء الله- على ما قاله.