قال: "واعلم أن التأويل [هو: أن العجب] حالة تحصل عند استعظام الأمر، فإذا عظم الله أمرا أو فعلا إما في كثرة ثوابه أو في كثرة عقابه جاز إطلاق لفظ التعجب عليه".
فقوله في هذا الموضع: "التعجب حالة تحصل عند استعظام الأمر" ينافي قوله قبل هذا بوجه: "التعجب حالة تحصل للإنسان عند الجهل بالسبب، وذلك في حق عالم الغيب والشهادة [محال]". فهل يوجد من يصف الله بالعجب ويبين أنه لا يستلزم الجهل، ويمنع من وصفه بصفة [ ص: 333 ] أخرى، قال: لأنها تستلزم العجب، وهو ممتنع لاستلزام الجهل.
المثال الرابع: في الحجاب، قال تعالى: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون [المطففين: 15].
وذكر أخبارا، منها: ما رواه صاحب (شرح السنة)، في باب: الرد على الجهمية، عن قال: أبي موسى "قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال: "إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط، ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه [النور] لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه).
[ ص: 334 ] قال: "وروي في تفسير قوله تعالى: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة [يونس: 26] أنه تعالى يرفع الحجاب فينظرون إلى وجهه".
قلت: وهذا الحديث في (صحيح عن مسلم) صهيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة! نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا، ويثقل موازيننا، ويدخلنا الجنة، ويجرنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه، وهي الزيادة".
[ ص: 335 ] ومما لم يذكر من الأحاديث ما في الصحيح عن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أبي موسى، "جنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب، آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه، في جنة عدن".