الطريق الثالث: أن يكون ذلك الضمير عائدا إلى الله تعالى، وفيه وجوه:
الأول: المراد من الصورة الصفة، كما بيناه، فيكون المعنى أن آدم عليه السلام، امتاز عن سائر الأشخاص والأجسام بكونه عالما بالمعقولات، قادرا على استنباط الحرف والصناعات، وهذه صفات شريفة، مناسبة لصفات الله تعالى من بعض الوجوه، فصح قوله صلى الله عليه وسلم: بناء على هذا التأويل. "إن الله خلق آدم على صورته"
فإن قيل: المشاركة في صفات الكمال تقتضي المشاركة في الإلهية، قلنا: ولهذا المعنى قال الله تعالى: المشاركة في بعض اللوازم البعيدة مع حصول المخالفة في الأمور الكثيرة لا تقتضي المساواة في الإلهية، وله المثل الأعلى [الروم: 27] وقال صلى الله عليه وسلم: "تخلقوا بأخلاق الله".
[ ص: 365 ] الثاني: أنه فيكون [الغرض] من هذه الإضافة [الدلالة] على أن هذه الصورة ممتازة عن سائر الصور بمزيد الكرامة والجلالة. كما يصح إضافة الصفة إلى الموصوف، فقد يصح إضافتها إلى الخالق والموجد،
الثالث: قال الشيخ الغزالي: ليس الإنسان عبارة عن هذه البنية، بل هو موجود ليس بجسم ولا جسماني، ولا تعلق له بهذا البدن إلا على سبيل التدبير والتصرف. [ ص: 366 ] فقوله صلى الله عليه وسلم: آدم على صورته". أي نسبة ذات "إن الله خلق آدم عليه السلام إلى هذا البدن كنسبة الباري تعالى إلى العالم، من حيث إن كل واحد منهما غير حال في هذا الجسم، وإن كان مؤثرا فيه بالتصرف والتدبير".
قال: "الخبر الثاني: ما رواه في كتابه الذي سماه (التوحيد) بإسناده عن ابن خزيمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ ص: 367 ] ابن عمر آدم على صورة الرحمن". "لا تقبحوا الوجه، فإن الله خلق
[ ص: 368 ] قال: "واعلم أن ضعف هذه الرواية" ويقول: إن صحت هذه الراوية فلها تأويلان: ابن خزيمة
الأول: أن يكون المراد من الصورة الصفة، على ما بيناه.
الثاني: أن يكون المراد من هذه الإضافة بيان شرف هذه الصورة، كما في قوله: بيت الله وناقة الله".