آدم على صورة نفسه. وهذه الوجوه كلها مع أنها مبطلة [لقول] من يعيد الضمير في قوله إلى آدم، فهي أدلة مستقلة في الإخبار بأن الله تعالى خلق
وبهذا حصل الجواب عما يذكر من كون مدلسا، حيث يقدم على رواية مثل هذا الحديث، ويتلقاه عنه العلماء، ويوافقه الأعمش والعلماء على روايته عن ذلك الشيخ بعينه، [ ص: 451 ] [وكذلك] قوله الثوري حبيب مدلس. فقد أخذه عنه هؤلاء الأئمة. [وأيضا] فهذا المعنى عند أهل الكتاب من الكتب المأثورة عن الأنبياء كالتوراة [فإن] في السفر الأول منها: "سنخلق [بشرا] على صورتنا يشبهها".
وقد قدمنا أنه بخلاف ما لم نعلمه إلا من جهتهم، فإن هذا لا نصدقهم فيه ولا نكذبهم. يجوز الاستشهاد بما عند أهل الكتاب إذا وافق ما يؤثر عن نبينا،
ثم إن هذا مما لا غرض لأهل الكتاب في افترائه على الأنبياء، بل المعروف من حالهم كراهة وجود ذلك في كتبهم وكتمانه وتأويله كما قد رأيت ذلك مما شاء الله من علمائهم، ومع هذا الحال يمتنع أن يكذبوا كلاما يثبتونه في ضمن التوراة [ ص: 452 ] وغيرها، وهم يكرهون وجوده عندهم، وإن قيل الكاره [لذلك] غير [الكاتب] له، فيقال: هو موجود في جميع النسخ الموجودة في الزمان القديم، في جميع الأعصار والأمصار من عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأيضا: فمن المعلوم أن هذه النسخ الموجودة اليوم بالتوراة ونحوها قد كانت موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كان ما فيها من الصفات كذبا، وافتراء، ووصفا لله بما يجب تنزيهه عنه، كالشركاء، والأولاد، لكان إنكار ذلك عليهم موجودا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة، أو التابعين، كما أنكروا عليهم ما دون ذلك، وقد عابهم الله في القرآن بما دون ذلك مما هو دون ذلك فلو كان هذا عيبا لكان عيب الله لهم أعظم، وذمهم عليه أشد.